عند الحاكم، فليكن الأمر كذلك فيما لو تغير حاله من العدالة إلى الفسق.
قال في الجواهر: اللهم إلا أن يقال إن ظاهر الأدلة كون الفسق مقتضيا لعدم القبول بخلاف الجنون والاغماء، فإن أقصاهما عدم قبول شهادتهما.
فتأمل جيدا.
لكنه غير واضح، لأن اللام لا تعمل فيما قبلها، وإلا فإنه يأتي نفس الكلام في الجنون والاغماء أيضا. ولعل هذا وجه التأمل الذي أمر به.
أقول: لعل الفرق هو: أن دليل بطلان شهادة المجنون والمغمى عليه هو السيرة العقلائية غير المردوعة، فهم يشترطون العقل عند الأداء للشهادة، فإذا شهد في حال العقل والإفاقة ثم طرء الجنون والاغماء لم يقدح ذلك في قبول الشهادة السابقة. وأما الفاسق فقد يعتمد بعض الناس على اخباره أو شهادته، فكانت آية النبأ رادعة عن ذلك، فتكون الآية دليلا لعدم القبول فيما نحن فيه بدعوى اطلاق الأمر بالتبين ليشمل بعد الأداء أيضا.
قال في الجواهر: " نعم لو طرأ الجنون أو الاغماء لم يؤثر بناءا على عدم قدح طرو ذلك في شاهد الأصل بعد إقامتها، وكذا العمى وإن افتقر أداء الشهادة إلى البصر، للاستغناء هنا ببصر الفرع، ضرورة كون هذه الطوارئ كالموت ".
أقول: إن البصر ليس شرطا في وقت الأداء، بل هو شرط في التحمل فيما لا يتحقق الشهادة فيه إلا بالبصر، وحيث يعلم الفرع بتحمل الأصل له في حال البصر يشهد بما شهد به الأصل، وإن كان عند سماع الفرع منه فاقدا له، وحينئذ فلا مجال للتعليل بالاستغناء ببصر الفرع.
وعلى كل حال فلو فرض زوال الموانع الطارئة قبل الشهادة عليه فهل للفرع أن يشهد بالتحمل أم يحتاج إلى تحمل جديد بناءا على انعطاف الريبة إلى حالة التحمل؟ فيه وجهان ناشئان من كونه عدلا عند الشهادة عليه وعند