الحاكم وهو عادل، فسمع الفرع شهادته وشهد بها فيما بعد، فقد شهد بالشهادة التي أداها الأصل في حال العدالة، فأي قدح لفسقه الطارئ بعد ذلك؟
فظهر أن كلا الوجهين لا يصلحان للفرق.
وتفصيل المطلب أنه: إن ظهر بطلان شهادة الأصل عند أداء الفرع، فلا ريب في بطلان شهادة الفرع، بل يمكن دعوى الاجماع عليه، إذ ليس الإسكافي وجامع المقاصد مخالفين في ذلك، فإنهما يقولان بعدم بطلان الحكم لو رجع الأصل عن شهادته بعد الحكم، وذاك بحث آخر.
وإن شهد الشاهد مع العدالة ثم طرأ الفسق قبل الحكم فهل يوجب بطلان شهادته؟ فيه قولان كما سيأتي، وقد أرسل الشيخ في الخلاف القبول ارسال المسلم حيث قال: إذا شهد عدلان عند الحاكم بحق ثم فسقا قبل أن يحكم بشهادتهما حكم بشهادتهما ولم يرده، وبه قال أبو ثور والمزني، وقال باقي الفقهاء لا يحكم بشهادتهما.
دليلنا: إن الاعتبار بالعدالة حين الشهادة لا حين الحكم، فإذا كانا عدلين حين الشهادة وجب الحكم بشهادتهما. وأيضا إذا شهدا وهما عدلان وجب الحكم. بشهادتهما، فمن قال إذا فسقا بطل هذا الوجوب فعليه الدلالة.
وقال العلامة في المختلف بعد نقله عبارة الشيخ: والأقرب عندي عدم الحكم لنا: إنهما فاسقان حال الحكم فلا يجوز الحكم بشهادتهما، كما لو رجعا وكما لو كانا وارثين ومات المشهود له قبل الحكم، ولأن تطرق الفسق يضعف ظن العدالة السابقة الخفية. فكان الاحتياط بترك الشهادة.
واستدلال الشيخ مصادرة، لأنه ادعى أن الاعتبار بالعدالة حين الشهادة لا حين الحكم وهو عين المتنازع. وقوله: إذا شهدا وهما عدلان وجب الحكم بشهادتهما ليس على اطلاقه فإنه المتنازع، بل إذا استمرت العدالة إلى وقت