وذهب المحقق قدس سره إلى الثاني، وتبعه صاحب الكفاية قال: الأقرب القبول إن حصل له العلم وادعاه، بل في المسالك: هو الأشهر، قال: لأن الفرض علمه القطعي بالقائل ومعرفته إياه، ووقوع ذلك أكثرى مشاهد في كثير من العميان. وللاجماع على أن للأعمى أن يطأ حليلته اعتمادا على ما يعرفه من صوتها. وأما احتمال الاشتباه لتماثل الأصوات فيندفع باليقين، فإنا نتكلم على تقديره.
أقول: أما ما استدل به الشيخ في الخلاف فأمران، أحدهما لأخبار، لكن الشيخ لم ينقل رواية تدل على المنع، بل ذكر رواية محمد بن قيس الدالة على القبول بطريقين. والآخر الاجماع، لكن في المسالك أن الأشهر هو القبول. وأما التعليل الذي ذكره المحقق، فإن كان المراد منه مجرد احتمال الاشتباه، ففيه ما ذكره في الجواب، وإن كان المراد عدم حصول اليقين للأعمى، ففيه: أنه تشكيك في الوجدان والمشاهد من كثير من العميان، اللهم إلا أن يراد أنه لما كان الغالب في العميان هو الاشتباه كان الوجه عدم قبول الحاكم شهادته، حتى لو حصل للأعمى العلم وادعاه، بأن لا يكون احتمال الاشتباه علة للحكم حتى ينتفي بانتفائه، بل يكون حكمة له يؤخذ بها حتى في موارد عدم الاشتباه يقينا.
وأما الاستدلال للقبول بالاجماع على جواز وطئ الأعمى زوجته اعتمادا على ما يعرفه من صوتها ففيه: أنه ليس لأحد منع عن غن ترتيب الأثر على يقينه، وكذلك ما نحن فيه، فإن الأعمى إذا حصل له اليقين جاز له الشهادة، لكن الكلام في قبول الحاكم لشهادته، ولذا لو وقع النزاع بينه وبين زوجته لم يكن يقين الأعمى دليلا للحاكم على الحكم بكونها زوجة له.
وكيف كان فإن الأقرب هو القبول لخبر محمد بن قيس المعتضد بفتوى المشهور.