إسهالا معتدلا نافعا ويجذب ما يصادفه في المعدة والمعاء الدقيق وعروق الماساريقا من غير أن ينيل البدن شيئا كثيرا. فإذا نقى المعدة والمعاء الدقاق وعروق الماساريقا جذبته العروق ونفذ فيها بسرعة ولم يعقه شئ عن سرعة الانهضام في الكبد والجولان في البدن وانقطع فعله في الاسهال وغذى غذاء حسنا فاضلا محمودا. ولذلك صار ما دام إسهاله دائما، كان الاكثار منه غير مكروه ولا مذموم، لان فيه معونة على الاسهال وتنقية للأوعية وتطريقا للسبل. فإذا انقطع فعله في الاسهال وأخذ في تغذية البدن وتربيته، وجب (1) ألا يؤخذ (2) إلا بحسب الطاقة ومقدار القوة على هضمه. ويمسك الشارب له عن شربه وهو بعد مشته له لكيلا يثقل المعدة بكثرته ويهبط القوة الهاضمة ويعوقها عن هضمه ويبقى بفجاجته وغلظه، وتقبله الأعضاء وهو بتلك الحال ويولد فيها ترهلا وتورما من قبل أن الأعضاء إذا عدمت الغذاء، افتقرت إلى ما لم يكمل نضجه ولم يتم هضمه. فإذا صار إليها وهو ني غير منهضم، شبيه (3) ولم يعد بالكثرة وبقي فيها منحصرا وغلى وصار بخارا نافخا ورهل اللحم وورمه.
ومن أراد شرب اللبن لقطع الاسهال المري أو لضعف المعاء المعروف بالصائم أو لانصباب شئ من ذوبان البدن إلى البطن في العلة المعروفة بالسل أو غيرها، فليقصد منه لبن البقر وبعده لبن الماعز ويطبخه بنار ضعيفة لينة لا لهب لها ولا دخان، ويديم تحريكه رويدا رويدا بقضيب أملس بري من أطرافه إلى وسطه كأنه يجمعه جمعا ويجره من نواحي القدر إلى وسطها. فإن فاض منه إلى حافة القدر شئ فليبادر ويمسحه بإسفنج البحر ويغرف بصوفة البحر بعد أن يغمس بماء عذب ويعصر جيدا كيلا يرجع إلى ما قد فار وارتفع من اللبن إلى حافة القدر ويشربها شئ من اللبن فيحترق ويفسد بفساده اللبن. ويديم طبخه وتحريكه على ما وصفنا إلى أن يغلظ معتدلا مستويا شاملا لجملة اللبن في استوائه واعتداله وتزداد حلاوته على حلاوته الطبيعية التي كانت بها قبل الطبخ.