نشفه لرطوبة المعدة إلا أن يحتال له من خارج بحيلة يكتسب بها رطوبة وليانة مثل أن ينقع في الماء وقتا طويلا حتى يبتل جيدا ويغسل بالماء مرات كثيرة، فيكفي الطبيعة مؤونة التعب فيه باطنا، ويجود هضمه ويولد غذاء محمودا.
وقد يختلف الخبز في طبيعته وغذائه على حسب ما يداخله ويخلط معه من الأبازير وغيرها.
وذلك أن من الخبز ما ينثر عليه السمسم، ومنه ما ينثر عليه الكمون والرازيانج والانيسون (1). ومنه ما ينثر عليه الشونيز (2)، ومنه ما ينثر عليه الخشخاش. فما ينثر عليه السمسم، كان عسير الانهضام للزوجة السمسم ودهنيته إلا أنه إذا انهضم كان غذاؤه كثيرا. وما نثر عليه الكمون جفف تجفيفا باعتدال وقوة، ومنع من النفخ والقراقر وخلل الرياح. وكذلك يفعل الرازيانج والانيسون، غير أن الرازيانج والانيسون أذكى رائحة وأعطر وأطيب طعما وألذ. ولذلك صارت الطبيعة تقبل منهما ما لا تقبله من غيرهما. ولهذه الجهة صار فعلهما أقوى وأظهر تأثيرا وأكثر تخليلا للرياح وإخراجها بالجشاء، وأما الخبز الذي ينثر عليه الشونيز، فإنه يجفف تجفيفا قويا ويفني الرطوبات. والخبز الذي ينثر عليه الخشخاش يجلب النوم ويزيد في اللبن ولا سيما إذا كان معه بزر رازيانج.