يمكن الهواء أن يحملها ويخرجها بالنفث.
ومن الواجب على من أراد استعمال هذا الحسو المعروف بالحريرة أن يثبت في طبخه، ويحذر استعماله قبل تمام نضجه ولا سيما إذا كان معمولا من حنطة زرقاء رزينة صلبة كثيرة اللباب قليلة القشر والنخالة، لأنه كثيرا ما يغر صانعه حتى يتوهم أنه قد نضج وهو بعد لم يستكمل نضجه، فيصير للمستعمل له مضرة بينة جدا، من قبل أنه إذا لم يكمل هضمه خارجا ويلطف، لم يقبل الهضم في المعدة باطنا لغلظه وكثرة لزوجته. فمن أراد إحكام عمله وإتقان صنعته وإزالة غلظه، فليلقي (1) على كل أوقية منه أربعين أوقية ماء عذب ويذيبه فيه حسنا، ويصفيه ويحمله على نار لينة، ويطبخه حتى يصير بمنزلة الشمع المذاب، ثم يلقي فيه شيئا (2) من ملح مسحوق ويحركه حتى يذوب الملح ويصفيه ويستعمل بلوز مقشر من قشره وسكر. فإذا كان قصد المستعمل التبريد أكثر من الجلي، جعل السكر الذي يستعمله معه سكر طبرزد. وإن كان قصده للجلي أكثر، جعل السكر سكرا سليمانيا أو فانيدا أو عسلا منزوع الرغوة. فإن احتاج أن يلقي فيه شيئا من زيت أو غيره من الادهان الموافقة لمزاج المستعمل له، وللغل (3) التي يقصد تبريدها، لم يضر ذلك ولم يمتنع من سرعة نضجه. إلا أنه يجب أن يلقي فيه من أول طبخه لينضج مع نضجه كاملا.
وأما ما يتخذ بالعدس فنافع من الاسهال المري وسحوج الأمعاء ونفث الدم إذا عمل هذا المثال: يؤخذ من العدس المقشر من قشره جزء واحد ويغسل بالماء مرات ويعرك (4) في الماء كل مرة عركا بليغا حتى يزول عنه وسخه وتبيض رغوته ويقل زبده، ثم يصير في قدر نظيفة ويلقى عليه عشرة أمثال ماء عذب، ويجعل على نار جمر لينة. ويؤخذ من النشاستج جزء يسير ويلقى عليه مثل وزنه أربعين مرة ماء عذب ويداف (5) فيه جيدا ويصفى ويحمل بماء حار ويلقى على النشاستج، ويطبخ الجميع حتى يصير بمنزلة الشمع المداف، ثم يلقى عليهما شئ من ملح مسحوق ويحرك حتى يذوب الملح ويصفى. ويستعمل في نفث الدم والاسهال المري وسحوج المعاء وقروحها. وأما ما يستعمل منه مع السميذ، فيغذو غذاء حسنا، ويزيد في اللحم ويلين الأعضاء ويولد دما مركبا من قوتين ممتزجتين، حرارة السميذ وبرودة النشاستج. إلا أنه يجب على كل من كان في كبده أو طحاله أو كلاه سدة أو دمل أن يتوقى الاكثار منه، لأنه مخصوص بالزيادة في ذلك لغلظ السميذ ولزوجة النشاستج.
ولذلك صار كثيرا ما يورث المدمنين عليه دملا في الكلى وحصى في المثانة وبخاصة إذا وافى حرارة الكلى زائدة، إما طبعا من البنية وإما عرضا مكتسبا. وقد ينفع النشاستج أيضا من سيلان المواد المنحل إلى العينين، ومن القروح العارضة فيها إذا خلط مع أدوية العين النافعة في مثل ذلك.