بأن أحدهما كان نجسا، ولا يدري أنه هو الذي توضأ به أو غيره، ففي صحة وضوئه أو غسله إشكال، إذ جريان قاعدة الفراغ هنا محل إشكال، لما قيل في محله: من اختصاص أدلتها بصورة الشك في التطبيق، دون صورة الشك في الانطباق (1)، وإلا يلزم فيما اشتبه قيود المأمور به بين كثير، جواز الاكتفاء بإتيانه مرة واحدة، لأنه إذا أتى مثلا بصلاة إلى طرف في صورة اشتباه القبلة أو في ثوب، يشك في صحتها وفسادها، فأصالة الصحة إذا كانت حاكمة بها، فلا وجه لتكرارها. وهكذا فيما إذا اشتبه ماء الوضوء، وغير ذلك من الصور.
ولا أظن أن يلتزم بذلك أحد من القائلين بجريانها في الصورة الثانية، فكأن المفهوم من أدلتها - بعد ضرب صدرها بذيلها - لزوم كون المصلي في مقام الاتيان بما يعتبر فيها، فإذا فرغ منها وشك فلا يعتن به، ويبن على صحتها، لأجل القاعدة، سواء كانت هي قاعدة التجاوز، أو قاعدة الفراغ، أو أصالة الصحة، على اختلاف المسالك والتعابير.
وقد يشكل على ما ذكرناه: بأن لازمه عدم جواز إجرائها فيما إذا أتى الجاهل بالصلاة والوضوء مدة، ثم تبين له بعد تلك المدة اشتراط المأمور به بأمر، وكان يحتمل إتيانه به حين الاشتغال من باب الصدفة والاتفاق، أو من باب اعتقاده بأنه مستحب، ولم يكن بناؤه على الاتيان به، وهذا بعيد جدا، ضرورة أنه إذا توجه إلى تركه لا يكون عليه شئ، بناء على جريان قاعدة " لا تعاد... " في حق الجاهلين، وإذا كان باقيا على جهله