له كلمة واحدة من الوحي، بل كان يكتب له رسائل.... مع أن معاوية لم يزل مشركا مدة كون النبي صلى الله عليه وآله مبعوثا يكذب بالوحي ويهزأ بالشرع، وكان باليمن يوم الفتح يطعن على رسول الله صلى الله عليه وآله ويكتب إلى أبيه صخر بن حرب يعيره بإسلامه، ويقول له: أصبوت إلى دين محمد؟! وكتب إليه: يا صخر لا تسلمن... (الأبيات).. والفتح كان في شهر رمضان لثمان سنين من قدوم النبي صلى الله عليه وآله المدينة، ومعاوية حينئذ مقيم على الشرك، هارب من النبي صلى الله عليه وآله لأنه قد هدر دمه فهرب إلى مكة فلما لم يجد له مأوى صار إلى النبي صلى الله عليه وآله مضطرا فأظهر الإسلام وكان إسلامه قبل موت النبي صلى الله عليه وآله بخمسة أشهر)! انتهى.
ويؤيد قول العلامة رحمه الله موقف هند العنيف من أبي سفيان يوم فتح مكة كما في ابن هشام: 4 / 862 وصححه الهيثمي: 6 / 166، وأنه عندما ذهب إلى مركز قيادة النبي صلى الله عليه وآله وهو يحاصر مكة وينذر أهلها، فرجع أبو سفيان ينادي قريشا للتسليم وعدم المقاومة! (فقامت إليه هند بنت عتبة، فأخذت بشاربه فقالت: اقتلوا الحميت الدسم الأحمس، قبحه من طليعة قوم)! (وفي لسان العرب: 2 / 26: اقتلوا الحميت الأسود. أي الزق الدسم. وفي رواية الأحمش، أي الهزيل).
ويؤيده أيضا أنك لا تجد مصدرا ذكر وجود معاوية في فتح مكة، ولا في حنين إلا التخمين المحض من محب معاوية ابن حجر في فتح الباري (3 / 451)!
وهذا يكشف كذب الرواة أو كذب معاوية في زعمه أنه أسلم قبل فتح مكة، كما زعم ابن تيمية في منهاجه: 4 / 439!
والظاهر أن معاوية لم يخرج من صعلكته إلا بعد أن عزلت قريش أبا سفيان عن قيادتها بعد فتح مكة، فجاء إلى المدينة وبعثه النبي صلى الله عليه وآله واليا على جمع صدقات نجران، وأرسل ولده يزيد عاملا على صدقات أخواله في تيماء، ثم