الأئمة المعصومين عليهم السلام والشخصيات الفاعلة وقمعها، وتغييب المصادر الثقافية والإعلامية لهذا الخط، وتشريد من بقي منهم وتشويه سمعتهم وتخويفهم، وإسكات صوتهم! ففي تفسير القمي: 2 / 134: (عن الإمام الصادق عليه السلام قال: لقي المنهال بن عمرو علي بن الحسين بن علي عليهم السلام فقال له: كيف أصبحت يا بن رسول الله؟ قال: ويحك أما آن لك ان تعلم كيف أصبحت؟ أصبحنا في قومنا مثل بني إسرائيل في آل فرعون، يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا! وأصبح خير البرية بعد محمد صلى الله عليه وآله يلعن على المنابر، وأصبح عدونا يعطى المال والشرف، وأصبح من يحبنا محقورا منقوصا حقه، وكذلك لم يزل المؤمنون! وأصبحت العجم تعرف للعرب حقها بأن محمدا صلى الله عليه وآله كان منها، وأصبحت قريش تفتخر على العرب بأن محمدا صلى الله عليه وآله كان منها، وأصبحت العرب تعرف لقريش حقها بأن محمدا صلى الله عليه وآله كان منها، وأصبحت العرب تفتخر على العجم بأن محمدا صلى الله عليه وآله كان منها! وأصبحنا أهل البيت لا يعرف لنا حق فهكذا أصبحنا يا منهال)! (ومجمع البيان: 6 / 266).
الثاني: أن معاوية قد ضخ في حملته التزويرية في الثقافة المسلمين ومصادرهم سيلا من الأكاذيب والتحريفات وقلب الحقائق، أخذت طريقها من المنابر والرواة وعلماء السلطة ومؤلفاتهم، واستقرت في مصادر المسلمين، وتلقتها أجيالهم أو أكثرها بالقبول، وتربى عليها أولادهم في الكتاتيب والمساجد!
وما زال هذا المرض في ثقافة الأمة! فلو درست تأثير معاوية في صحيح البخاري وحده لرأيت العجب، وقد قدمنا نماذج منه تكشف هيمنة المنهج الأموي على مصادر الثقافة، في كل المذاهب العقائدية والفقهية، فهي وإن ولدت على يد العباسيين لكنها تغذت بغذاء الفكري الأموي!