فضائل أمير المؤمنين عليه السلام والحيلولة بين العلماء ونشرها، ما لا شبهة فيه على عاقل، حتى كان الرجل إذا أراد أن يروي عن أمير المؤمنين رواية لم يستطع أن يضيفها إليه بذكر اسمه ونسبه، فتدعوه الضرورة إلى أن يقول: حدثني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله! أو يقول: حدثني رجل من قريش، ومنهم من يقول: حدثني أبو زينب. وروى عكرمة عن عائشة في حديثها له بمرض رسول الله صلى الله عليه وآله ووفاته فقالت في جملة ذلك: فخرج رسول الله متوكئا على رجلين من أهل بيته، أحدهما الفضل بن العباس! فلما حكى عنها ذلك لعبد الله بن عباس رحمه الله قال له: أتعرف الرجل الآخر؟ قال: لا، لم تسمه لي، قال: ذلك علي بن أبي طالب، وما كانت أمنا تذكره بخير وهي تستطيع! وكانت الولاة الجورة تضرب بالسياط من ذكره بخير، بل تضرب الرقاب على ذلك، وتعترض الناس بالبراءة منه! والعادة جارية فيمن اتفق له ذلك ألا يذكر على وجه بخير، فضلا عن أن تذكر له فضائل أو تروى له مناقب، أو تثبت له حجة بحق. وإذا كان ظهور فضائله عليه السلام وانتشار مناقبه على ما قدمنا ذكره من شياع ذلك في الخاصة والعامة، وتسخير العدو والولي لنقله، ثبت خرق العادة فيه، وبأن وجه البرهان في معناه، بالآية الباهرة على ما قدمناه). انتهى.
أقول: نعم، هذا من زاوية فشل خطة معاوية في تحقيق هدفها النهائي! أما من الزوايا الأخرى، فقد نجحت خطته في أمور:
الأول: نجح معاوية ومن بعده من بني أمية في فرض جو سياسي وثقافي مضاد لعلي وأهل بيته عليهم السلام طوال ستين سنة وأكثر! وأوقع بذلك خسارات كبيرة على الإسلام وخطه النبوي، وحرم الأمة من ثقافته الأصيلة، والتعرف على القدوات الحقيقية التي تمثله، من المعصومين عليهم السلام وكبار العلماء والأبرار. فقد تم قتل