فلما أتاها الرسول بما أمر به معاوية قالت: يا عجبي لمعاوية يقتل زوجي ويبعث إلي بالجوائز! فليت أبي كرب سد عني حر صلته، خذ من الرضعة ما عليها! فأخذت ذلك وخرجت تريد الجزيرة، فمرت بحمص فقتلها الطاعون! فبلغ ذلك الأسلع فأقبل إلى معاوية كالمبشر له فقال له: أفرخ روعك يا أمير المؤمنين، قد استجيبت دعوتك في ابنة الشريد، وقد كفيت شر لسانها!
قال: وكيف ذلك؟ قال: مرت بحمص فقتلها الطاعون! فقال له معاوية: فنفسك فبشر بما أحببت، فإن موتها لم يكن على أحد أروح منه عليك! ولعمري انتصفت منها حين أفرغت عليك شؤبوبا وبيلا! فقال الأسلع: ما أصابني من حرارة لسانها شئ إلا وقد أصابك مثله أو أشد منه). (ونحوه في تاريخ دمشق: 69 / 40، والاختصاص / 15 وأسد الغابة: 4 / 101، مختصرا، ومواقف الشيعة للأحمدي: 1 / 405، وغيرها).
أقول: الأصعل صغير الرأس (غريب الحديث للحربي: 3 / 454) والأسلع الذي فيه حروق في وجهه وبدنه (لسان العرب: 8 / 160). وفي كل نسخ الرواية (فليت أبي كرب سد عني حره صله، خذ من الرضعة ما عليها)! وقد سمت معاوية بأبي كرب وهو كنية ملك اليمن تبع الذي غضب على أهل المدينة، فأرسل على زعمائها وكان كل منهم اسمه (زيد): (جاء رسوله قال الأزياد: إنما أرسل إلينا ليملكنا على أهل يثرب فقال أحيحة: والله ما دعاكم لخير! وقال:
ليت حظي من أبي كرب * أن يرد خيره خبله فذهبت مثلا). (الأغاني / 3322، وجمهرة الأمثال / 316، ومجمع الأمثال / 649، وابن هشام: 1 / 12 والمعاني لابن قتيبة / 310). والمعنى: ليت معاوية أبا المصائب والكرب سد عني حر صلته ولم يبعثها! لكن خذ في الجدب الحليب ولو قل ومن البخيل صلته القليلة.
هذا، ومن المؤكد أن معاوية هو الذي قتل آمنة بنت الشريد! فقد دعا على