وقد بلغ فرح أبي سفيان بخلافة عثمان حدا أفقده توازنه! ولعله لم ينم ليلته تلك من شدة فرحه، فقد صار عثمان الأموي رئيس دولة محمد الهاشمي! وكثرت فلتات لسان أبي سفيان! فما أن تمت البيعة لعثمان حتى دخل إلى بيته ودخل إليه بنو أمية (حتى امتلأت بهم الدار ثم أغلقوها عليهم، فقال أبو سفيان بن حرب: أعندكم أحد من غيركم، قالوا: لا، قال: يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة فوالذي يحلف به أبو سفيان، ما من عذاب ولا حساب ولا جنة ولا نار ولا بعث ولا قيامة! قال: فانتهره عثمان، وساءه بما قال، وأمر بإخراجه! قال الشعبي: فدخل عبد الرحمن بن عوف على عثمان فقال له: ما صنعت؟! فوالله ما وفقت حيث تدخل رحلك قبل أن تصعد المنبر فتحمد الله وتثني عليه، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتعد الناس خيرا. قال: فخرج عثمان، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: هذا مقام لم نكن نقومه، ولم نعد له من الكلام الذي يقام به في مثله، وسأهيئ ذلك إن شاء الله، ولن آلو أمة محمدا خيرا، والله المستعان). (تاريخ أبي الفداء / 349). وقال أبو الفرج في الأغاني: 6 / 371: (ولأبي سفيان أخبار من هذا الجنس ونحوه كثيرة يطول ذكرها). انتهى.
وتدلك هذه النصوص على أن أبا سفيان قال أكثر من هذا الكفر، في بيت عثمان، أو في دار الخلافة، وربما في المسجد النبوي!
ومن الطبيعي لعثمان بحكم كونه خليفة النبي صلى الله عليه وآله أن يستنكر كفر أبي سفيان، ويمنعه من التواجد في مجلسه خوفا من فضيحة كلامه! لكن أبا سفيان لا يهمه ذلك، فهو يعتبر عثمان وخلافته له! فانظر إلى موقفه اليهودي العجيب الذي نقله البلاذري في أنساب الأشراف / 1105، قال: (وحجب عثمان أبا سفيان فقيل له: حجبك أمير المؤمنين فقال: لا عدمت من قومي من إذا شاء حجب)! انتهى.