فما الأمر إلا فيكم وإليكم * وليس لها إلا أبو حسن علي أبا حسن فاشدد بها كف حازم * فإنك بالأمر الذي يرتجى ملي ثم نادى بأعلى صوته: يا بني هاشم، يا بني عبد مناف، أرضيتم أن يلي عليكم أبو فصيل الرذل بن الرذل، أما والله لئن شئتم لأملأنها خيلا ورجلا!
فناداه أمير المؤمنين عليه السلام: إرجع يا أبا سفيان، فوالله ما تريد الله بما تقول، وما زلت تكيد الإسلام وأهله، ونحن مشاغيل برسول الله صلى الله عليه وآله وعلى كل امرئ ما اكتسب، وهو ولي ما احتقب)! (الإرشاد: 1 / 190).
وقد يتعجب الإنسان من هذا الموقف (الشيعي المتشدد) لأبي سفيان! لكنه في واقعه موقف أموي لا إسلام فيه ولا تشيع، فالوحي والإسلام، وأمته، والنص النبوي، والوصية بالخلافة لعلي عليه السلام، كلها لا تعني شيئا عند أبي سفيان، الذي لا يؤمن بالله تعالى ولا بنبي ولا بمعاد!
القضية عنده أن قيادة قريش إنما هي لبني عبد مناف فقط، أي الجد الأعلى لبني هاشم وأمية، فهما أصحاب الحق القبلي في قيادة قريش والعرب!
وهذا (المبدأ القرشي الثابت عنده) الذي لم يمس طوال صراع قريش مع بني هاشم حدث الآن عليه تآمر، ودخل على الخط (أرذل حي في قريش) فاستولى على سلطان محمد! والواجب على بني عبد مناف أن لا يسمحوا بالتعدي عليهم!
لذلك صاح في بني هاشم لأن أمر النبي صلى الله عليه وآله أمرهم! وعندما زجره علي عليه السلام أخذ يصرخ في أزقة المدينة! ويقول كما في الطبري: 2 / 449: (ما بال هذا الأمر في أقل حي من قريش؟! والله لئن شئت لأملأنها عليه خيلا ورجالا... والله إني لأرى عجاجة لا يطفؤها إلا دم! يا آل عبد مناف فيم أبو بكر من أموركم؟! أين المستضعفان، أين الأذلان علي والعباس؟! وقال: يا أبا حسن، أبسط يدك حتى