خطبه: لو لم يرني الله أهلا لهذا الأمر ما تركني وإياه، ولو كره الله تعالى ما نحن فيه لغيره! وكان يقول: أنا عامل من عمال الله أعطي من أعطاه الله وأمنع من منعه الله، ولو كره الله أمرا لغيره، فأنكر عليه عبادة بن الصامت وغيره ممن حضر من الصحابة! ولم يزل ذلك في بني أمية حتى قال الحجاج وقد قتل رجلا لأجل إظهاره حب علي عليه السلام: اللهم أنت قتلته، لو شئت منعتني منه!). انتهى.
أقول: سبب تبني معاوية للجبرية هو التكبر والغطرسة: (أن آتاه الله الملك)! فقد جعل الإرادة الإلهية التكوينية في قوانين الصراع والغلبة إرادة تشريعية واستخلافا إلهيا للغالب! وساعده على ذلك إرث العرب الوثني، وثقافة اليهود في تقديس الغلبة المادية والملك المادي!
وقد روى النسائي في السنن الكبرى: 4 / 420، قول معاوية: (والله يعلم أني لم ألو عن الحق ولو كره الله شيئا لغيره). (وروى نحوه ابن أبي شيبة: 7 / 250).
وقال الراغب في محاضرات الأدباء / 1293: (قال ابن عتيبة: هذا والله الاغترار! ألم تكن مقاتلته عليا، وقتله حجرا، وبيعته ليزيد، مما يكره الله تعالى؟!).
وفي معارف ابن قتيبة / 242: (كان عطاء بن يسار قاصا ويرى القدر، وكان لسانه يلحن، فكان يأتي الحسن هو ومعبد الجهني فيسألانه ويقولان: يا أبا سعيد إن هؤلاء الملوك يسفكون دماء المسلمين ويأخذون الأموال ويفعلون ويقولون: إنما تجري أعمالنا على قدر الله فقال: كذب أعداء الله) (وشذرات الذهب: 1 / 137 وضعفاء العقيلي: 3 / 403).
وفي الكشاف: 2 / 75: (أي إذا فعلوها اعتذروا بأن آباءهم كانوا يفعلونها فاقتدوا بهم، وبأن الله تعالى أمرهم بأن يفعلوها، وكلاهما باطل من العذر، لأن أحدهما تقليد والتقليد ليس بطريق للعلم، والثاني افتراء على الله وإلحاد في صفاته، كانوا يقولون: لو كره الله منا ما نفعله لنقلنا عنه! وعن الحسن أن الله تعالى بعث