خبره مع المعتضد قال ابن الأثير في حوادث سنة 286 فيها سار المعتضد من آمد إلى الرقة وكاتبه الحسين بن عمرو النصراني فكان ينظر في الأموال فقال الخليع في ذلك:
حسين بن عمرو عدو القران * يصنع في العرب ما يصنع يقوم لهيبته المسلمون * صفوفا إذا يطلع فان قيل قد اقبل الجاثليق * تحفى له ومشى يظلع اخباره مع الحسن بن سهل روى صاحب الأغاني ان المأمون لما أطرح حسين بن الضحاك لهواه كان في أخيه محمد وجفاه لان الحسين بالحسن بن سهل وطمع ان يصلحه له فقال يمدحه:
أرى الآمال غير معرجات * على أحد سوى الحسن بن سهل يباري يومه غده سماحا * كلا اليومين بان بكل فضل أرى حسنا تقدم مستبدا * ببعد من رياسته وقبل فان حضرتك مشكلة بشك * شفاك بحكمة وخطاب فصل سليل مرازب برعوا حلوما * وراع صغيرهم بسداد كهل ملوك ان جريت بهم أبروا * وعزوا ان توازيهم بعدل ليهنك ان ما أرجيت رشدا * وما أرضيت من قول وفعل وانك مؤثر للحق فيما * أراك الله من قطع ووصل وانك للجميع حيا ربيع * يصوب على قرارة كل محل فاستحسنها الحسن بن سهل ودعا بالحسين فقربه وآنسه ووصله وخلع عليه ووعده اصلاح المأمون له فلم يمكنه ذلك لسوء رأي المأمون فيه ولما عاجل الحسن من العلة. وروى أيضا ان الحسن بن سهل قال لحسين بن الضحاك ما عنيت بقولك:
يا خلي الذرع من شجني * انما أشكو لترحمني قال قد بينته بقولي:
منعك الميسور يؤيسني * وقليل الياس يقتلني فقال له انك لتضيع بالخلاعة ما أعطيته من البراعة.
اخباره مع أبي نواس والمقارنة بينهما اعلم أن الخليع شديد الشبه بأبي نواس في أكثر صفاته فهما في عصر واحد الا ان أبا نواس مات قبله وكلاهما شاعر مشهور من أشهر شعراء عصره وكلاهما شاعر مطبوع مشهور بالمجون ويصعب التفضيل بينهما في الشاعرية الا ان أبا نواس كان أوفر حظا منه عند الناس فكانوا ينسبون مستحسن شعره إلى أبي نواس وقد يمكن الاستدلال بذلك على أن أبا نواس أشعر منه وشعرهما متشابه في أنه سهل ممتنع مشتمل على الرقة والعذوبة والظرف والاكثار من وصف الخمر والإجادة في وصفها وربما كانت خمريات أبي نواس أكثر وأشيع وكلاهما سلك في الشعر طريقة لم يسلكها غيره وامتاز بها كما أوضحناه في ترجمة أبي نواس وكلاهما نادم الأمين ومدحه وأخذ جوائزه وكلاهما مدح سائر ملوك بني العباس وأخذ جوائزهم وكلاهما نسب إلى التشيع نسبة غير جلية وبينهما مطارحات ومحاورات يأتي بعضها.
ويشهد لكون الناس ينسبون شعره إلى أبي نواس ما رواه صاحب الأغاني عن الحسين بن الضحاك قال أنشدت أبا نواس لما حججت قصيدتي الخمرية وهي:
بدلت من نفحات الورد باللاء * ومن صبوحك در الإبل والشاء فلما انتهيت إلى قولي منها:
حتى إذا أسندت في البيت واحتضرت * عند الصبوح ببسامين أكفاء فضت خواتمها في نعت واصفها * عن مثل رقراقة في جفن مرهاء فصعق صعقة أفزعتني وقال أحسنت والله يا أشقر فقلت ويلك يا حسن انك أفزعتني والله فقال بل والله أفزعتني ورعبتني هذا معنى من المعاني التي كان فكري لا بد ان ينتهي إليها أو أغوص أقولها فسبقتني إليه واختلسته مني وستعلم لمن يروى ألي أم لك سمعت من لا يعلم يرويها له ورأيتها في دفاتر الناس في أول أشعاره.
ومن اخباره مع أبي نواس ما رواه صاحب الأغاني عن حسين بن الضحاك: كنت انا وأبو نواس تربين نشأنا في مكان واحد وتأدبنا بالبصرة كنا نحضر مجالس الأدباء متصاحبين ثم خرج قبلي عن البصرة وأقام مدة واتصل بي ما آل إليه أمره وبلغني ايثار السلطان وخاصته له فخرجت عن البصرة إلى بغداد ولقيت الناس ومدحتهم وأخذت جوائزهم وعدت وهذا كله في أيام الرشيد الا اني لم أصل إليه. وفي الأغاني عن حسين بن الضحاك: أنشدت أبا نواس قصيدتي:
وشاطري اللسان مختاق التكرير * شاب المجون بالنسك حتى بلغت إلى قولي:
تخالها نصب كأسه قمرا * يكرع في بعض أنجم الفلك فأنشدني أبو نواس بعد أيام لنفسه:
إذا عب فيها شارب القوم خلته * يقبل في داج من الليل كوكبا فقلت له يا أبا علي هذه مصالبة فقال لي أ تظن انه يروى لك في الخمر معنى جيد وانا حي.
وقال إبراهيم بن المدبر ان الحسين كان يزعم أن أبا نواس سرق منه هذا المعنى حين يقول: يقبل في داج من الليل كوكبا فان كان سرقه منه فهو أحق به لأنه قد برز عليه. وفي الأغاني عن حسين بن الضحاك لقيني أبو نواس فأنشدته:
أخواي حي على الصبوح صباحا * هيا ولا تعدا الصباح رواحا هذا الشميط (1) كأنه متحير * في الأفق سد طريقه فألاحا ما تأمران بقهوة قروية * قرنت إلى درك النجاح نجاحا فلما كان بعد أيام لقيني في ذلك الموضع فأنشدني يقول:
ذكر الصبوح بسحرة فارتاحا * وأمله ديك الصباح صياحا فقلت له أ فعلتها فقال دع هذا عنك فوالله لا قلت في الخمر شيئا ابدا