ومما شجا قلبي وأوكف عبرتي * محارم من آل النبي استحلت ومهتوكة بالطف عنها سجوفها * كعاب كقرن الشمس لما تبدت إذا حفزتها وزعة روعة من منازع * لها المرط عاذت بالخضوع ورنت وربات خدر من ذؤابة هاشم * هتفن بدعوى خير حي وميت أرد يدا مني إذا ما ذكرته * على كبد حرى وقلب مفتت فلا بات ليل الشامتين بغبطة * ولا بلغت آمالها ما تمنت وقوله من قصيدة كما في الطليعة:
هتكوا بحرمتك التي هتكت * حرم الرسول ودونها السجف سلبت معاجرهن واختلست * ذات النقاب ونوزع الشنف قد كنت كهفا يستظل به * ومضى فلا ظل ولا كهف قال المؤلف الأبيات التالية ذكر ابن الأثير انه قالها في رثاء الأمين وأوردها كما أوردناها الا انه ذكر بدل بالطف بالخلد وبدل ربات خدر وسرب ظباء وأورد منها أبو الفرج في الأغاني ثلاثة أبيات كما يأتي ولم يذكرها الطبري في رثاء الأمين واما القصيدة الفائية فذكرها الطبري وابن الأثير في رثاء الأمين وتأتي عند ذكر أشعاره لكن الأبيات الثلاثة التي أوردها صاحب الطليعة لم يذكرا منها الا الأولين دون البيت الثالث. ويمكن ان يقال ان في الأبيات التائية ما يرشد إلى أنها في الحسين ع لا في الأمين كقوله: محارم من آل النبي استحلت فان مثله لا يقال في حرب المأمون مع أخيه وكذا قوله:
ومهتوكة عنها سجوفها وإذا حفزتها الخ فان هذا جرى بالطف ولم يجر في بغداد وكذا قوله هتفن بدعوى خير حي وميت والمراد به الرسول ص أو أمير المؤمنين علي ع أو هما فان الهاتفات بذلك هن نساء آل أبي طالب يوم الطف لا نساء بني العباس يوم قتل الأمين ولا يحسن ولم يعتد ان يقال خير حي وميت في غير من ذكر ويرشد إلى ذلك أن الطبري الذي هو المتبوع لابن الأثير لم يذكرها في مراثي الأمين وفي الطليعة: المسلك ينفي انها في الأمين مع نص جملة اه. ويمكن ان يكون له أبيات في رثاء الحسين ع ومثلها وزنا وقافية في رثاء الأمين وادخل الرواة من إحديهما في الأخرى اشتباها لاتحاد الوزن والقافية فقد وقع مثله في أبيات الفرزدق في السجاد ع وغيرها والله أعلم.
خبره مع الرشيد في تاريخ دمشق: قال علي بن الحسين الأصبهاني الكاتب في ذكر الديارات: دير مران بنواحي الشام على قلعة قلة ظ مشرفة على مزارع ورياض حسنة نزله الرشيد ونزله المأمون بعده وكان الخليع مع الرشيد لما نزله فقال:
يا دير مران لا عريت من سكن * قد هجت لي حزنا يا دير مرانا هل عند قسك من علم فيخبرني * ان كيف يسعد وجه الصبر من بانا سقيا ورعيا لكرخايا وساكها * بين الجنينة والروحاء من كانا قال وحكى أبو الحسن الشابستي ان الخليع قال هذه الأبيات في دير مديان وهو الذي على نهر كرخايا قرب بغداد وكرخايا نهر يشق من الحول الكبير ويمر على العباسية ويشق الكرخ ويصب في دجلة وكان قديما عامر ا وكان الماء فيه جاريا ثم انطم وانقطع الماء عنه بالبثوق التي حدثت في الفرات والله أعلم وقال عمرو بن بأنه: خرجنا مع المعتصم إلى الشام في غزاة فنزلنا في طريقنا بدير مران فذكر هذه الحكاية وهذه أشبه إلى الصواب من الأولى اه. وفي معجم البلدان دير مديان على نهر كرخايا قرب بغداد وكرخايا نهر وذكر ما مر إلى قوله في الفرات ثم قال وهو نهر نزه وفيه يقول الحسين الخليع:
اني طربت لرهبان مجاورة * بالقدس بعد هدوء الليل رهبانا فاستنفرت شجنا مني ذكرت به * كرخ العراق وأحزانا وأشجانا فقلت والدمع من عيني منحدر * والشوق يقدح في الأحشاء نيرانا يا دير مديان لا عريت من سكن * ما هجت من سقم يا دير مديانا هل عند قسك من علم فيخبرني * ان كيف يسعد وجه الصبر من بانا سقيا ورعيا لكرخايا وساكنه * بين الجنينة والروحاء من كانا قال وروى غير الشابستي هذا الشعر في دير مران وأنشده كذا والصواب ما كتب لتقارب هذه الأمكنة المذكورة بعضها من بعض والله أعلم اه. ولم يذكر شيئا من ذلك في دير مران ويأتي قول المترجم انه لم يصل إلى الرشيد وقد ظهر مما مر ان لقاءه الرشيد غير محقق.
اخباره مع صالح بن الرشيد في الأغاني اخبرني جعفر بن قدامة حدثني أبو العيناء عن الحسين بن الضحاك قال كنت يوما عند صالح بن الرشيد فجرى بيننا كلام فرددت عليه ردا أنكره فهاجرني فكتبت إليه:
يا ابن الإمام تركتني هملا * أبكي الحياة وأندب الأملا ما بال عينك حين تلحظني * ما ان تقل جفونها ثقلا لو كان لي ذنب لبحث به * كي لا يقال هجرتني مللا ان كنت اعرف زلة سلفت * فرأيت ميتة والدي عجلا فرضي عنه اخباره مع الأمين في الأغاني عن الحسين ابن الضحاك قال اتصلت بمحمد بن زبيدة في أيام أبيه وخدمته ثم اتصلت خدمتي له في أيام خلافته وروى صاحب الأغاني أيضا ان حسين بن الضحاك دخل على محمد الأمين بعقب وقعة أوقعها أهل بغداد بأصحاب طاهر فهزموهم فهناه، بالظفر ثم استأذنه في الإنشاد فاذن له فأنشده:
امين الله ثق بالله * يعط العز والنصرة كل الامر إلى الله * كلاك الله ذو القدرة لنا النصر بإذن الله * والكرة والفره وللمراق أعدائك * يوم السوء والدبره وكأس تورد الموت * كريه طمعها مره سقونا وسقيناهم * فكانت بهم الحسرة كذاك رأيت الحرب * أحيانا علينا ولنا مره فامر له بعشرة آلاف درهم ولم يزل يتبسم وهو ينشده.
مراثيه في الأمين في الأغاني لحسين بن الضحاك في محمد الأمين مراث كثيرة جياد وكان