منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ١٦٤
بوجوداتها الواقعية ما لم تقم عليها حجة معتبرة لا تصلح لاحداث الداعي إلى الإطاعة.
الثاني: أنه لا فرق بين العلم التفصيلي والاجمالي في كشف كل منهما عن الحكم وإيصاله إلى مرتبة صلاحيته للبعث والتحريك، بداهة تعلق كل واحد منهما بنفس الحكم المنشأ بداعي البعث أو الزجر، فان العلم بوجوب الاجتناب عن النجس موجب لبلوغه مرتبة التنجز في نظر العقل من غير فرق في ذلك بين معرفة النجس بعينه وبين تردده بين اثنين أو أكثر، إذ المدار في التحريك على بلوغ التكليف إلى العبد بحيث يصلح للبعث، وهذا موجود في العلم به وان تردد متعلقه ولم يعرف شخصه، فان تردد المتعلق بين شيئين كتردده بين عنوانين - كما إذا تردد شخص معين وجب إكرامه بين العالم والجاهل أو بين الهاشمي وغيره مثلا - لا يقدح في العلم بالحكم الذي يدور عليه التحريك، ولا يوجب صحة الاعتذار عن المخالفة بإجمال المتعلق، فإذا قتل العبد شخصين يعلم إجمالا بأن أحدهما ابن المولى، فهل يصح اعتذاره بإجمال العلم وعدم كونه تفصيليا حتى يكون منجزا.
فتوهم اعتبار تميز المتعلق عن غيره خارجا ومعرفة خصوصياته في تنجيز العلم للتكليف وتقبيح العقل مخالفته الموجبة لاستحقاق العقوبة، حيث إن حكمه بالتنجيز وقبح مخالفة المولى ليس الا فيما إذا علم بالمخالفة حين الارتكاب لا بعده كالعلم بحصول المخالفة في الشبهات البدوية، ومن المعلوم أن العلم بالمخالفة حين الارتكاب منوط بتميز متعلق التكليف عن غيره، فحال العلم الاجمالي كحال الشك البدوي في عدم تنجز التكليف به فاسد، للفرق الواضح