منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٣٣٢
الايصال قيدا لوجود المقدمة الواجبة، وجهة تقييدية لها، لا شرطا لوجوبها، كما صرح به في عبارته التي نقلناها عنه سابقا، حيث قال:
(إن مقدمة الواجب لا تتصف بالوجوب والمطلوبية من حيث كونها مقدمة، إلا إذا ترتب عليها وجود ذي المقدمة، لا بمعنى: أن وجوبها مشروط بوجوده، فيلزم أن لا يكون خطاب بالمقدمة أصلا على تقدير عدمه، فإن ذلك متضح الفساد).
ومع هذا التصريح: لا وجه لما في بعض الكلمات: (من أن الايصال إن كان شرطا للوجوب لزم طلب الحاصل، وإن كان شرطا للواجب لزم الدور).
والحاصل: أن الايراد على الفصول (بأن الايصال إن كان شرطا للوجوب يرد عليه كذا وكذا) ليس في محله، إذ مقصوده كما صرح به في عبارته المتقدمة هو:
كون الايصال قيدا للواجب، هذا.
وقد أورد على كون الايصال قيدا للواجب بوجوه عديدة:
الأول: أنه يلزم الدور، تقريبه: أن فعلية وجود ذي المقدمة متوقفة على فعلية وجود المقدمة، لوضوح أن وجود المقدمة من علل وجوده. و فعلية وجود المقدمة موقوفة على وجود ذيها، إذ المفروض كون ذي المقدمة قيدا للمقدمة الموصوفة بالموصلية، فوجود المقدمة المقيدة بالايصال موقوف على وجود ذيها.
وتقريب الدور بهذا البيان أولى من أن يقال: إن وجوب المقدمة موقوف على وجوب ذيها، لانبعاثه عنه، وترشحه منه، فلو جعل ذو المقدمة من قيود المقدمة لزم ترشح الوجوب من المقدمة على ذيها، فيكون الدور بين الوجوبين، ولازمه اجتماع المثلين في الواجب النفسي، وذلك لعدم محذور في اتصاف الواجب النفسي بالغيري كالصلاتين المترتبتين، فإن الأولى منهما واجبة نفسيا وغيريا، لشرطية تقدمها على الأخرى. فكل ما هو الجواب في غير المقام هو الجواب هنا.