منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٣٣٦
المقدمة ليس لذاتها، بل لكونها من أجزأ علة وجود ذيها، فمعروض الوجوب الغيري هو المقدمة الواقعة في سلسلة العلة التامة لوجود ذيها، لكن لا يكون الوقوع في هذه السلسلة قيدا، بحيث يكون الواجب المقدمة المقيدة بذلك، لما مر: من استحالة التقييد بالايصال، كاستحالة الاطلاق، لما سيأتي إن شاء الله تعالى في مبحث المطلق و المقيد: من أن التقابل بين الاطلاق والتقييد هو العدم والملكة، فبرهان امتناع التقييد برهان امتناع الاطلاق أيضا، فكما لا تكون المقدمة مقيدة بالايصال فكذلك لا تكون مطلقة بالنسبة إليه.
وبالجملة: فاعتبار الايصال في المقدمة حيثية تعليلية لها، لا تقييدية، فتخلفه لا ينافي اعتبار هذه الحيثية فيها، فتأمل.
ولعل ما أفاده شيخنا المحقق العراقي (قده): (من أن معروض الوجوب الغيري هي الذات التوأمة مع الايصال، لا المقيدة به، للمحاذير التي عرفت جلها. ولا المطلقة، لما مر إجمالا من امتناع الاطلاق بعين امتناع التقييد) يرجع إلى كلام المحقق صاحب الحاشية وإن كان في التعبير عن (الحصة) مسامحة، لان الحصة هي الطبيعة المقيدة بقيد بحيث يكون التقيد داخلا والقيد خارجا، والمفروض خروج الايصال عن طبيعة المقدمة قيدا وتقيدا.
ولعل مراده (قده) بالحصة هو: العنوان المشير إلى الذات الواقعة في سلسلة العلة التامة لوجود ذي المقدمة، لا معناها الحقيقي حتى يستشكل عليه بما عرفت.
كما يرجع إليه: ما أفاده شيخ مشايخنا المحقق النائيني (قده): من أن ترتب الواجب النفسي إن أخذ قيدا في اتصاف المقدمة بالوجوب لزم منه الدور، أو التسلسل، وكلاهما محال. وإن أخذ قيدا لوجوب المقدمة، لزم التفكيك بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها في الاطلاق و الاشتراط، وذلك خلاف مقتضى تبعية وجوبها