منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٣٣٥
ولأجل جميع هذه المحاذير، أو بعضها، اختار المحقق صاحب الحاشية مسلكا آخر، وهو: أن المقدمة واجبة من حيث الايصال، لا مقيدا به، حيث قال (قده):
(والأظهر كما هو ظاهر الجمهور: وجوب المقدمة من حيث إيصالها إلى أداء الواجب.) إلى أن قال: (فإذا وجب علينا شئ وجب الاتيان بما يتوقف عليه لا من جهة ذاته، بل من حيث أدائه إلى الواجب، و يجب علينا الاقدام على فعل الواجب بعد الاتيان بمقدمته، فعدم الاقدام على الواجب بعد الاتيان بالمقدمة لا يخرج ما أتى به من المقدمة عن الوجوب، فإنها واجبة من حيث كونها مؤدية إلى الواجب وإن لم يحصل التأدية إليه، لاهمال المكلف، فإن عدم حصول الأداء بها لا ينافي اعتبارها من حيث كونها مؤديا - الظاهر مؤدية - ليحكم بوجوبها من تلك الجهة. والحاصل: أنه لا يتنوع المقدمة من جهة إيصالها إلى ذي المقدمة، وعدمه إلى نوعين ليقال بوجوب أحدهما دون الاخر، بل ليس هناك إلا فعل واحد يتصف بالوجوب من حيث كونها موصلة إلى الواجب سواء أتى بها على تلك الجهة أو لا، وتلك الجهة حاصلة فيها سواء تحقق بها الايصال إليه أو لا. نعم لو فرض انتفاء الجهة المذكورة عن المقدمة لم تكن واجبة، وحينئذ يخرج عن عنوان المقدمة، كما لا يخفى. فلا فرق في وجوبها بين وجود الصارف الاختياري عن أداء الواجب وعدمه. ولو كان هناك صارف عن الواجب خارج عن اختيار المكلف خرجت به المقدمة عن الوجوب، لانتفاء الحيثية المذكورة، وحينئذ يسقط التكليف بالواجب أيضا، والتأمل في الأدلة المتقدمة لوجوب المقدمة قاض بما قلناه، كما لا يخفى على من أعطاها حق النظر) انتهى كلامه رفع مقامه.
ومحصل ما أفاده: أن الوجوب لما كان تابعا للملاك، ومن المعلوم: أن الملاك الداعي إلى إيجاب المقدمة هو توقف وجود الواجب النفسي عليها، فوجوب