منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٣٣٧
لوجوب ذيها، ومعلولية وجوبها لوجوبه، ومن المعلوم: امتناع تقيد الوجوب النفسي العلي بوجود متعلقه، للزوم طلب الحاصل، وكذا معلوله، وهو الوجوب الغيري. ولما كان التقييد ممتنعا كان الاطلاق أيضا ممتنعا، لكون الاطلاق والتقييد متقابلين بالعدم والملكة.
وبالجملة: فالايصال لا يكون قيدا للوجوب، ولا للواجب - كما هو مذهب الفصول -، فمعروض الوجوب الغيري بالنسبة إلى الايصال ليس مقيدا، ولا مطلقا، بل هو مهمل من هذه الحيثية. وحيث إن الداعي إلى إيجاب المقدمة هو التوصل بها إلى الواجب، وكان تقييدها بالايصال ممتنعا، فالمقدمة التي لا تقع في سلسلة علة وجود ذيها لا تتصف بالوجوب، بل هي باقية على حكمها الذي كان ثابتا لها قبل صيرورتها مقدمة. نظير الاجزاء، فإن كل واحد منها لا يقع على صفة الوجوب النفسي المنبسط عليه إلا إذا وقع منضما إلى سائر الأجزاء، فلا يتصف بالوجوب إذا وقع مجردا عن الانضمام المزبور. فوزان اتصاف المقدمة بالوجوب الغيري وزان اتصاف أجزأ المركب بالوجوب النفسي في كون اتصاف المقدمة بالوجوب الغيري في حال الايصال، لا مقيدا به، للمحاذير المتقدمة.
والحاصل: أن المقدمة إن لم توصل إلى ذيها، فلا تتصف بالوجوب.
وعلى هذا، فالمحققان صاحب الحاشية والنائيني (قدهما) متفقان على بقاء المقدمة المحرمة على حرمتها إن لم تقع في سلسلة علة وجود ذي المقدمة، وأن اتصافها بالوجوب إنما يكون لحيثية إيصالها إلى ذيها، فلا تكون المقدمة بالنسبة إلى الايصال مطلقة، ولا مقيدة، بل مهملة. وإن كان المحقق صاحب الحاشية يقول باتصاف المقدمة بالوجوب حتى في حال عدم إيصالها إلى ذيها، حيث قال في كلامه المتقدم: (فعدم الاقدام على الواجب بعد الاتيان بالمقدمة لا يخرج ما أتى به من المقدمة عن الوجوب.)، إلى أن قال: (وتلك الجهة حاصلة فيها سواء تحقق