وإن شئت قلت: لا ينحل ذلك العلم الاجمالي بأخذها، لقوة تخطيها عن الواقع بخلافها، فالعلم بالاشتغال يقتضي الفراغ اليقيني، وهذا لا يحصل بالأخذ بها بالضرورة.
لا يقال: لا معنى لكون الأخبار حجة حاكمة على الأصول المعارضة، للزوم تقدمها على الأصول المثبتة للتكاليف، وهو يرجع إلى خلاف المعلوم بالإجمال، فعلى هذا أيضا لا يتعين الأخذ بالخبر مطلقا، كما لا يخفى.
لأنا نقول: قضية العلم الاجمالي، ليس أكثر مما يثبت به التكليف الإلزامي الأعم من النفسي والغيري، ضرورة أنه كثير جدا في الفقه، ولا نعلم بوجود التكاليف الإسلامية الإلزامية أكثر مما يثبت بها.
نعم نحتمل ذلك في موارد الأخبار النافية، ونعلم إجمالا بنحو القليل والكثير في التكاليف الواقعية غير الواصلة، وغير الموجودة فيها رأسا.
وعلى كل: يجوز الأخذ بالأخبار النافية في موارد الأصول ولو كانت مثبتة، لأنها قليلة، ضرورة أن المقصود من الأصول المثبتة، ليس الأصول الجزئية الجارية في الشبهات الموضوعية، وقد تحرر منا: أن الأصل المثبت للتكليف لو كان مثل الاستصحاب، فهو غير جار في الشبهات الحكمية الكلية رأسا، فلا أساس لهذا البحث، فهذا الإشكال أيضا منتف عن التقريب المذكور (1).
ولو كان مثل أصل الاشتغال، فلا يوجد في الأخبار النافية ما يزاحمه بالمقدار الذي نقطع بأن المعلوم بالإجمال أكثر فيما بين الأخبار المثبتة.
فتحصل لحد الآن: أن اشكالات الشيخ و " الكفاية " و " الدرر " وغيرهم على التقريب المذكور (2) كلها قابلة للدفع.