أصل الجواز، التزموا بوجوبه الطريقي (1).
وفيه: أن في المثال المذكور لا يعقل الإيجاب الطريقي، بعد كون ذي الطريق أمرا استحبابيا، لأن الفرع لا يزيد على الأصل بالضرورة، وأما فيما نحن فيه فالإيجاب الثابت بالخبر الواحد، ليس إلا ثبوتا ظنيا، فلا يثبت به الوجوب الواقعي حتى تلزم اللغوية.
وأما دعوى لزوم اللغوية إجمالا، للعلم الاجمالي بإصابة إحدى الطرق للواقع، فهي قابلة للدفع: بدعوى العلم الاجمالي بعمل طائفة بذلك الخبر القائم على وجوب شئ، وترك طائفة للعمل بالقائم على حرمة شئ.
وتوهم: أن أثر الإيجاب منتف، غير سديد، لأن الإتيان بمتعلقه كاف، ولا يعتبر قصد الوجه في سقوط الأمر الإيجابي، وهكذا في ناحية التحريم.
هذا مع أن دعوى العلم الاجمالي المذكور، لا تنافي إمكان التفكيك ثبوتا، بل هي مؤيدة له. ولكن توهم: أنه يقتضي وجوب العمل إثباتا، غير صحيح، لما أشير إليه.
ثم إنه غير خفي: أن هذه المشكلة تشترك فيها مطلق الأمارات، وسيمر عليك كلام في الاستصحاب، وأنه - حسب ظاهر بعض أخباره - يكون حجة على نعت الترخيص، لا الإيجاب والإلزام، فانتظر حتى حين.
أقول: قضية البناءات العقلائية، وصحة الاحتجاجات الموجودة بين الموالي والعبيد، تنجز التكليف الثابت بالخبر الواحد، وصحة العقوبة عند الإصابة، وحيث إن الشرع لم يخترع في هذا الباب أمرا جديدا، فجواز العمل بالخبر الواحد الثابت، يساوي لزومه في صورة قيامه على التكليف الإلزامي.