هذه الدعوى، لأن الشريعة الاسلامية، لا تضمحل ولا تنهدم بإجراء البراءة بالنسبة إلى موارد الشك والشبهة، ولو كان مقرونا بالعلم الاجمالي، لأنه من القليل في الكثير احتمالا، فلا تكن من الخالطين.
وغير خفي: أن مقتضى هذا التقرير حجية أخبار الثقات، وأن ما يثبت بهذا التحرير، عين ما يثبت بأدلة حجية الخبر الواحد لو كانت تامة، ولا يزيد عليه، ولا ينقص.
كما أن الثابت به هي الحجية بمعناها العقلائي، وهي الوسطية في الإثبات والطريقية، لأن العقل يكشف عن رضا الشرع بذلك، لما تحرر من امتناع حكومة العقل على شئ، ولا سيما في حدود المسائل الإلهية. وبناء على الكشف فينكشف به ما يستكشف بالسيرة والدليل العقلائي، فكما أن المستفاد منها هي الحجية الخاصة الثابتة للأمارات الحاكمة على الأصول عند المعارضة، والمقدمة على الأصول اللفظية، كعموم العام وإطلاق المقيد عند المخاصمة، كذلك هي الحجية العقلائية الراجعة إلى التعذير والتنجيز بالنسبة إلى الأحكام الواقعية.
والسر في ذلك: أن أمر تلك الأخبار دائر بين احتمالين: إما ردع الشرع عنها، وهو خلف، أو إمضاؤها على سبيل الأمارات الاخر العرفية. وكونها ممضاة ومرضية بوجه ثالث ولو كان ممكنا، إلا أنه مقطوع العدم، وسيمر عليك تفصيل المسألة على وجه تنحل به المشكلة.
ولو قيل: الأمر كما تحرر، إلا أن الأخذ بالأخبار المحكية عن الثقات، كما يوجب انحلال ذلك العلم، كذلك الأخذ بالمحكية عن غيرهم، فلا يثبت به المطلوب.
قلنا: نعم، إلا أنه من ترجيح المرجوح على الراجح، ومن الأخذ بما هو البعيد عن الواقع في ذاته.