العلم الاجمالي بأن تلك الواقعيات، مندرجة وبالغة إلينا من خلال وصول الأخبار والروايات والأمارات المعتبرة وغير المعتبرة، ومقتضى أن العلم الاجمالي الأول، ينحل بالعلم الاجمالي الثاني، والعلم الاجمالي الثاني لا يبقى بعد مراعاة الكتب المعتبرة والروايات المعتبرة، لكثرتها الموجودة بين أيدينا، فينحل بالعلم الاجمالي الثالث العلم الثاني، ولازمه حجية ما في الكتب المعتبرة إلا ما خرج بالخصوص عن الاعتبار، كالأخبار الضعيفة، فإنه بخروجها لا يتضرر العلم الاجمالي المذكور، لكثرة الأحاديث الباقية المعتبرة.
ونتيجة هذا التحرير والتقرير: حجية خبر الثقة بأقسامه، لا حجية مطلق ما في الكتب، ولا حجية الظن أو المظنونات الشخصية، وكم من تقارير تنتهي إما إلى حجية ما في مطلق الكتب المعتبرة وغيرها، أو إلى حجية مطلق ما في الكتب المعتبرة، مرسلة كانت، أو غيرها!! وهي بأسرها غير تامة.
وغير خفي: أنه بعد الانحلال المذكور يجوز التمسك بالبراءة، أو القول بالاحتياط فيما وراء ذلك، لما لا يلزم من إجرائها ومن الأخذ به فساد وتضييع بالضرورة.
وإن شئت قلت: لا حاجة إلى دعوى العلم الاجمالي الثاني المتوسط، بل يكفي لحجية ما في الكتب المعتبرة من الأحاديث المعتبرة، وجود العلم الاجمالي:
بأن المعلوم بالإجمال من التكاليف الإلزامية، ينحل بها، فالعلم الاجمالي المتوسط غير لازم في أخذ النتيجة المقصودة.
فعلى ما تحرر، لا بد عقلا من الالتزام بأن الشرع لا يعقل منه الردع عنها، ولا تجويز طرحها، لأنه يلازم طرح الشريعة، وهدم أساس الديانة، لأن المفروض وجود القوانين الإسلامية في تلك الأخبار البالغة إلينا، ولو كان يحتمل أو نعلم بوجود تكاليف اخر غير بالغة، أو تكاليف غير شرعية فيها، ولكنه لا يضر بأساس