وبالجملة: ما هو الحل أن مطلق السيرة، ليست حجة ومخصصة لشئ، وإنما السيرة المرضية حجة ومخصصة، وإذا كان البحث في حجية السيرة، فلا معنى لتشكيل الصغرى والكبرى المذكورة رأسا، لأن الكلام حول أن السيرة مردوعة بالآيات (1)، أم لا، فلا معنى لفرض حجيتها في خلال البحث المذكور.
وبعبارة أخرى: لا معنى لدعوى جواز تخصيص الآيات الناهية بالسيرة لأخصيتها، لأن السيرة الممضاة صالحة للمخصصية، دون مطلق السيرة. ولو كان ما قرره (قدس سره) في محله، للزم أن تكون حجية الخاص اللفظي في مورده دورية، وهكذا العام اللفظي، ولازمه عدم حجية كل شئ، فاغتنم.
نعم، فرض حجيتها العقلائية المانعة عن قابلية الآيات للرادعية، نظرا إلى الانصراف المذكور، أيضا صحيح يليق بالتصديق، وحقيق بالتحقيق.
وقد تبين من خلاله أيضا فساد توهم الحكومة، كما في كلام العلامة النائيني (رحمه الله) (2) أو الورود، كما في كلام الوالد - مد ظله - (3)، فهذه الأجوبة غير تامة صناعة، وغير صحيحة قاعدة.
بقي جواب خامس: مر أيضا فيما سلف (4)، وإجماله: أن هذه الآيات الرادعة في حكم العام المتأخر، فإما تكون السيرة مخصصة ومقيدة، أو تقع المعارضة بين السيرة وتلك الآيات، فيرجع إلى استصحاب حجيتها.
وغير خفي أولا: أن استصحاب الحجية لا أساس له، لرجوعه إلى استصحاب الحكم الكلي، وقد منعنا جريانه الذاتي في مطلق الأحكام التكليفية والوضعية (5).