ولو سلمنا لزوم هذه الأمور - ومنها: البناء والالتزام المذكور، لأنه لازم مشكورية العبد - فلا وجه لكونه مستتبعا للعقاب أو العتاب، كما تحرر في مباحث التجري (1).
بقي شئ: قد أشرنا في مطاوي البحث إلى أن المسألة لا تكون من خصائص القطع، بل هي أعم منه ومن سائر الحجج الإلهية العقلائية أو الشرعية.
نعم، في موارد العلم الاجمالي، لا يمكن الالتزام إلا بالمعنى الاجمالي.
وأما في موارد دوران الأمر بين المحذورين، فلا يعقل الالتزام، لا على المعاني المحتملة في المسألة المذكورة سابقا، ولا على الوجه المحرر عندنا، ضرورة أنه لا معنى لعقد القلب على ما هو المعلوم بالإجمال وراء نفس العلم واليقين المفروض. وأما عقد القلب والالتزام بالامتثال، فهو في مفروض البحث غير ممكن، لما لا يتمكن من امتثال الأمر والنهي.
ودعوى: أنه يلتزم بذلك الحكم وإن لا يعلم به (2)، من قبيل دعوى: أنه يلتزم بوجود الأسد مع العلم بعدم الأسد، أو الشك في وجوده.
وغير خفي: أنه لو أمكن الالتزام للزم التشريع، لأنه من قبيل الالتزام بما لا يعلم، فافهم وتأمل، فإنه حقيق به.
ثم اعلم: أن وجوب الموافقة الالتزامية - بالمعنى الذي جعلناه محور البحث - لا يمنع من جريان الأصول في أطراف العلم الاجمالي:
أما في الموارد التي يلزم من جريانها المخالفة العملية فواضح، ضرورة أن عقد القلب على المعنى الاجمالي، لا ينافي التعبد الظاهري بالخلاف في الموارد الخاصة.