الدور، وأما إذا كان معنى الحكم الفعلي: هو كون الحكم على العنوان المأخوذ، فعليا غير متوقف على أمر غير حاصل في مرتبة الجعل، لا التنجز، فلا يلزم الدور، بل يكون الدور من الدور المعي.
مثلا: إذا قلنا: بأن قوله: " العالم بوجوب القصر يجب عليه القصر " معناه أن من تحقق في الخارج، وكان عالما بوجوب القصر أولا، فيكون عليه القصر، بمعنى أن التالي يترتب في الجعل على المقدم، وحيث يكون التالي قيد المقدم، فلا بد من تحقق التالي أولا، ثم ترتبه عليه ثانيا، وهذا لا يعقل في المعنى الشخصي والحكم بمرتبته الفعلية.
وأما إذا كان معنى القضية المذكورة: أنه في مقام الجعل، يكون الحكم بالنسبة إلى الموضوع المفروض فعليا، وأن الموضوع بيد الجاعل، ولا يتوقف ما هو الموضوع على أمر خارجي، وهو علم المكلف بالتالي أولا، فيكون المحمول والتالي أيضا بالضرورة بيد الجاعل، فيجعل الجاعل، ويتصور الموضوع، ويوقع الحكم عليه، ويكون بين الموضوع والحكم معية في نفس الجاعل من غير توقف.
وإذا تحقق الموضوع في الخارج، يكون الحكم حاصلا معه في زمان واحد، ولا يعتبر تقدم الموضوع على الحكم بحسب التحقق خارجا، بل هما يوجدان معا، لما لا علية - بحسب الواقع - بين الموضوع والحكم، ضرورة عدم السنخية، بل كل واحد من مجعولات المولى ومتصوراته.
وما اشتهر: " من سبق الموضوع على الحكم سبقا بالعلية " غلط في كل مقام، حتى على مذهب العدلية.
فعلى ما تحرر، يكون الحكم في قوله: " العالم بوجوب القصر يجب عليه القصر " فعليا وإن لم يوجد في العالم مكلف.
نعم، لا يتنجز هذا الحكم إلا بعد وجود الموضوع في الخارج، وفي هذه