الإشكال حينئذ، وقد تصدى القوم لحل هذه المشكلة تارة: من ناحية إنكار الاختصاص (1)، كما أشير إليه، وأخرى: من ناحية حل المشكلة عقلا (2)، كما يأتي.
وربما يقرر الإشكال على وجه آخر: وهو أن التقييد بالعلم هنا يستلزم الدور، وإذا امتنع التقييد امتنع الإطلاق، لأن التقابل بينهما تقابل العدم والملكة، فلا يعقل الإطلاق، فضلا عن التقييد. فعلى هذا لا بد من التوسل إلى نتيجة الإطلاق، إذا كان الحكم يشترك فيه العالم والجاهل، وإلى نتيجة التقييد إذا كان مختصا.
والمراد من " نتيجة الإطلاق والتقييد " هو متمم الجعل، لإباء الأدلة الأولية عن الإطلاق والتقييد (3).
ولكنك خبير بعدما مر مرارا في البحوث السابقة: بأن هذا البيان - مضافا إلى عدم تماميته بحسب النتيجة، لأن اختصاص العالم بالحكم يستلزم الدور، وهذا لا ينحل بمتمم الجعل (4)، ضرورة أن متمم الجعل يدل على أن الحكم في مسألة الجهر والخفت، مخصوص بالعالم بالحكم، فكيف يمكن أن يترشح الجد من المولى في ظرف جعله الأولي؟! ومضافا إلى أن الإطلاق اللحاظي، يستتبع هذه الغائلة - أن حديث التقابل المزبور، لا يلازم أن يكون امتناع التقييد يستتبع امتناع إطلاقه، بعد صراحة قوله في إمكان التقييد بدليل منفصل.
نعم، بناء على ما أشير إليه: من امتناع التقييد مطلقا حتى بدليل منفصل، فإمكان التمسك بالإطلاق مسدود، لا نفس الإطلاق واقعا. ولكن فيما نحن فيه - لأجل لزوم الإهمال الثبوتي - يثبت الإطلاق قهرا، ويكون حجة.