كلها من تبعات العلم بالحمل الشائع، ويقتضي إطلاق القانون كل هذه الأمور، كما لا يخفى.
وإن شئت قلت: الشبهتان الأوليان نشأتا من الخلط بين لحاظ المقنن الملتفت إليه وغير المغفول عنه، وبين لحاظ القاطع المغفول عنه، والجمع بين اللحاظين المزبورين - لاختلاف اللاحظين - جائز وواقع، فيكون القطع المأخوذ في الدليل ما ينظر إليه دائما، ولكنه إذا تحقق في الخارج ينظر به إلى ذي الصورة، وهو أمر خارج من محيط تقنين المولى.
فهذا مما لا إشكال فيه جدا، إذا كان الدليل المتكفل لما هو المأخوذ طريقا، غير الدليل المأخوذ فيه القطع على وجه الصفتية، وإنما الإشكال في إمكان تكفل الدليل الواحد لهذا الأمر، ضرورة أن الطريقية والموضوعية والجزئية والكلية، من الأمور المتقابلة، ولا جامع لها حتى يتكفل الدليل الواحد لهذه الاعتبارات، فكون العلم جزء بلحاظ الجاعل، وهكذا كونه كلا.
ولكنه ينحل: بأن للجاعل الاتكاء في استفادة القوم هذه الخصوصيات، على فهم العقلاء والعرف تلك المتقابلات، باعتبار اختلاف الموارد، فإنه عندئذ يمكن أن يتكفل الدليل الواحد مثلها.
مثلا: من الأمور المتقابلة عنوان " التأسيسية " و " الإمضائية " ولكن للجاعل اعتبار المعنى المشترك بينهما في مثل قوله (عليه السلام): " من استولى على شئ منه فهو له " (1) ولكن اختلاف موارد اليد عند العقلاء، يقتضي أن تكون اليد ممضاة عند الشرع بمثل هذا الدليل، فيما كان بناء العقلاء على الكاشفية، وأما فيما كانت اليد خائنة ومشهورة بالسرقة، فلا كاشفية لها عندهم، ولكنها محكومة، لإطلاق الدليل