وما رواه في التهذيب عن إسماعيل بن الفضل (1) " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يدفع إلى الرجل بقرا وغنما على أن يدفع إليه كل سنة من ألبانها وأولادها كذا وكذا قال: ذلك مكروه ".
أقول: الظاهر تقيد ما أطلق من الأخبار في كراهة أخذ الثمن بصحيحة عبد الله بن سنان الدالة على الجواز إذا كانت حوالب، ويستفاد من الجميع أن المراد السمن من تلك الغنم التي يدفعها للراعي، والمستفاد من هذه الأخبار بعد ضم بعضها إلى بعض هو أنه يجوز أن يعطي الغنم ونحوها إلى من يرعاها بضريبة يضربها المالك على الراعي من نقد أو سمن بالشرط المتقدم، وأن ما عدا ما شرطه مما حصل من الغنم من لبن ودهن وصوف ونحو ذلك فهو للراعي في مقابلة قيامه بها وحفظها ودورانه بها في مواضع القطر والعلف، وحينئذ يكون ذلك أجرة عمله لكن يشكل ذلك على قواعد الأصحاب من وجوب معلومية الأجرة وتعيينها، والمفهوم من كلام ابن إدريس أن منعه لذلك، لأن دفعها على هذا الوجه من قبيل الإجارة، وأن الإجارة هنا باطلة لأن ثمرة الإجارة تمليك المنفعة، دون العين والذي أخذه الراعي إنما هو من الأعيان لا المنافع.
قال في السرائر: وقد روي " أنه لا بأس أن يعطي الانسان الغنم والبقر بالضريبة مدة من الزمان بشئ من الدراهم والدنانير والسمن " واعطاء ذلك بالذهب الفضة أجود في الاحتياط ويمكن أن يعلم بهذه الرواية على بعض الوجوه وهو أن يحلب بعض اللبن ويبيعه مع ما في الضروع مدة من الزمان على ما وردت به الأخبار، أو يجعل عوض اللبن شيئا من العروض ويبيعه مع ما في الضروع مدة من الزمان، لأن الإجارة لا تصح هيهنا، لأن الإجارة استحقاق منافع السلعة المستأجرة دون الأعيان منها، والأقوى عندي المنع من ذلك كله، لأنه غرر وبيع مجهول والرسول عليه السلام نهى عن بيع الغرر، فمن أثبت ذلك عقدا يحتاج إلى دليل شرعي والذي ورد فيه أخبار