والثاني أن الحدث الذي أبره المشتري إن كان عين مال له أخذه، وإن كان فعلا لم يكن له الرجوع على البايع بشئ، ثم إنه احتج في المختلف على البطلان، قال: لنا على بطلان البيع مع الجهالة الاجماع عليه، والنهي عن الغرر والحكم غير لازم، إذ ذلك لا يصير ما ليس بثابت في الذمة ثابتا أقول: الظاهر من كلام الشيخ ومن تبعه ممن تقدم ذكره هو التفصيل في البيع بحكم أحدهما، وأنه إن كان الحكم هو المشتري فالبيع عندهم باطل، وإن كان الحاكم هو البايع، فإن حكم بأقل من قيمته كان البيع ماضيا، ولم يكن له أكثر من ذلك، وإن حكم بأكثر فالبيع أيضا صحيح ولكن ليس له أكثر من القيمة في حال البيع، إلا أن يرضى المشتري بتلك الزيادة، وظاهر ابن إدريس ومن تأخر عنه كالمحقق والعلامة وغير هما من المتأخرين هو البطلان مطلقا.
وابن إدريس قد خالف الشيخ في مواضع، ومنها في قوله فإن هلك في يد المبتاع كان عليه قيمة يوم ابتاعه، فقال: هكذا قال شيخنا أبو جعفر في نهايته، والذي يقتضيه أصول المذهب أن الشئ إن كان له مثل فعليه مثله لا قيمته، وإن أعوز المثل فعليه ثمن المثل يوم الاعواز، وإن كان المبيع مما لا مثل له فإنه يجب عليه قيمة أكثر ما كانت إلى يوم الهلاك، لأن هذا بيع فاسد، والبيع الفاسد عند المحصلين يجري مجرى الغصب في الضمان.
أقول: ما ذكره من التفصيل بالمثلي والقيمي جيد كما هو المتكرر في كلامهم، وأما تعيين وقت القيمة فقد تقدم الكلام فيه، ومنها في قول الشيخ فإن كان الحدث يزيد في قيمته وأراد انتزاعه من يده كان عليه أن يرد على المبتاع قيمة الزيادة لحدثه.
فقال: هكذا قال شيخنا في نهايته، والأولى أن يقسم الحدث فيقول:
إن كان آثار أفعال لا أعيان أموال، فلا يرد على المبتاع شئ، وإن كان الحدث أعيان أموال فهو على ما قاله رحمه الله.