أقول: وبما أطلقه الشيخ هنا أفتى المحقق في الشرايع، ووافقه في المسالك لكن قيده بصورة الجهل، والظاهر أن مراده الجهل بصحة البيع ثم قال: أما مع علمه فليس له إلا الزيادة العينية التي يمكن فصلها، فالوصفية كالصنعة لا يستحق بسببها شئ، وبالجملة حكمه حكم الغاصب، وهذا هو أصح الأقوال في المسألة انتهى: وحينئذ يصير هذا قولا ثالثا في المسألة.
ومنها في قوله " فإن ابتاعه بحكم البايع فحكم بأقل من قيمته " إلى آخر الكلام فقال: هكذا أورده في نهايته والأولى أن يقال البيع باطل، لأن كل مبيع لم يذكر فيه الثمن يكون باطلا بغير خلاف بين المسلمين، فإذا كان كذلك فإن كان باقيا بعينه فللبايع انتزاعه من يد المشتري، وإن كان تالفا وتحاكما فلصاحبه مثله إن كان له مثل، وإن كان لا مثل له فله قيمته أكثر القيم إلى يوم الهلاك، لا قيمته في حال البيع، فإن أقر البايع بشئ لزمه اقراره على نفسه، إلا أن يقربا زيد من قيمته التي يوجبها الشارع، وإنما هذه أخبار آحاد أوردها في نهايته ايرادا لا اعتقادا انتهى.
وأنت خبير بأنه قد تقدم في المسألة السابعة من مسائل المقام الثالث من الفصل الأول نقل صحيحة رفاعة الدالة على بيع الجارية بحكم المشتري وعدم قبول البايع لما حكم به بعد أن دفع الجارية إلى المشتري، ووطأها المشتري، وحكمه عليه السلام في الصورة المذكورة بأن يقوم الجارية قيمة عادلة، فإن كان قيمتها أكثر مما بعث إليه كان عليه أن يرد عليه ما نقص من القيمة، وإن كان قيمتها أقل مما بعث فهو له، ولا يسترد منه شيئا، ولكن الأصحاب لم يذكروها، وقد تقدم تحقيق الكلام في ذلك بما خطر بالبال العليل، والفكر الكليل.
وأما ما ذكره الشيخ هنا من الصحة في صورة حكم البايع على الوجه الذي ذكره فلم أقف فيه على دليل، وأما ما ذكروه من الضمان على المشتري للقاعدة المقررة عندهم " من أن كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده " فقد تقدم الكلام