الثانية أن يكونا جاهلين، فإن اتفقا بعد العلم على رده فلا بحث، وإن اتفقا على أخذه مع الأرش أو بدونه صح، والثمن اللازم للشفيع على الأول هو ما بعد الأرش، وعلى الثاني هو ما وقع عليه العقد.
وأطلق في المسالك أن الثمن اللازم للشفيع ما بعد الأرش، ولا أعرف له وجها، لأنه مع الاتفاق على عدم الأرش يبقى الثمن الذي وقع عليه العقد على حاله، لم يعرض له ما يوجب نقصانه، فكيف يكون اللازم للشفيع ما بعد الأرش والحال أنه لا أرش، لاتفاقهما على الأخذ بدونه، وإن اختلفت إراداتهما فأراد الشفيع رده دون المشتري فله ذلك، ويرجع المبيع إلى المشتري فيتخير بين أخذه مع الأرش أو بدونه أو عدم الأخذ بالكلية إن لم يحدث في المبيع ما يمنع الرد، وإن انعكس الأمر بأن أراد الشفيع أخذه، وأراد المشتري رده، فظاهر الأصحاب تقديم إرادة الشفيع لثبوت حقه وسبقه (1) وعلل أيضا بأن فيه جمعا بين الحقين، لأنا لو قدمنا المشتري بطل حق الشفيع بالكلية مع ما عرفت من ثبوته وسبقه، وإذا قدمنا الشفيع فإن المشتري يحصل له مثل ثمنه أو قيمته من الشفيع، ولا يفوت عليه شئ فيكون تقديمه جامعا بين الحقين.
بقي الكلام في أنه على ما ذكرنا من تقديم الشفيع وأخذه المبيع بما وقع عليه العقد من الثمن، فلو أراد المشتري طلب الأرش والحال هذه، فهل تجب إجابته ودفعه إليه أم لا،؟ قولان: وبالثاني فقال الشيخ (رحمه الله) وعلله بأنه استدرك ظلامته برجوع جميع الثمن إليه من الشفيع، فلم يقف منه شئ يطالب به.
وبالأول قال المحقق في الشرايع، لأن حقه إنما هو عند البايع، حيث أن الأرش جزء من الثمن عوض جزء فات من المبيع، فلا يجب عليه بأن يقبل عوضه من الشفيع، لأن الواقع بين البايع والمشتري معاوضة مستقلة مغايرة لما وقع بينه و