وبذلك يظهر لك ما في قوله في الاحتجاج للقول المشهور، لتعليم الأحكام في الكتاب والسنة على الحلم والاحتلام إلى آخره، فإنه ظاهر في ما قدمنا ذكره من عدم اطلاعه على الخبرين المذكورين، وإلا فمع الوقوف عليهما كيف يتم له دعوى تعليق الحكم في السنة على الاحتلام، وأنه مختص بذلك دون الانبات، والروايتان قد اشتملتا كما عرفت على عد الجميع من علامات البلوغ، والمتبادر منه كون كل منها علامة على البلوغ لا على سبقه.
وثالثا أن قوله " إن البلوغ غير مكتسب، والانبات قد يكون مكتسبا " فإنه بظاهره لو تم لدل على عدم جواز عد الانبات في العلامات المذكورة، ولو بكونه علامة على السبق، مع أنه لا يقول به، والقائلون بعده إنما يريدون به الانبات الحاصل من الله " سبحانه " بمقتضى العادة والطبيعة، وهو بهذا المعنى لا يمنع من كونه علامة على البلوغ، لا أنه مراد به ما هو أعم حتى يتجه ما ذكره، وكذا قوله " ولحصوله على التدريج " فإن فيه أن العلامة تحصل بمجرد خروج شئ من الشعر، ولا توقف لها على تزايده وكماله، حتى يتجه قوله " والبلوغ لا يكون كذلك " يعني تدريجا، وبالجملة فإن كلامه " قدس سره " هنا لا يخلو من الغفلة عن النصوص المذكورة، والمجازفة في هذه التعليلات العليلة.
وأنت خبير بأن مورد الروايات في هذه العلامة والتي قبلها إنما هو المذكر، فكان مستند هاتين العلامتين في الأنثى إنما هو الاجماع، حيث لا قائل بخلاف ذلك.
ومنها السن والمشهور أنه في الذكر ببلوغ خمس عشرة سنة، وفي الأنثى ببلوغ تسع، ويدل عليه بالنسبة إلى الذكر ما تقدم في حسنة يزيد الكناسي (1) رواية حمران (2) وبالنسبة إلى الأنثى ما في رواية حمران المذكورة، حيث قال قال فيها: " إن الجارية إذا تزوجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم، ودفع إليها مالها، وجاز أمرها في الشراء والبيع " الحديث.