تملك الخمر، هو بقاء البطلان واستمراره وإن انقلب خلا، والعود إلى كونه رهنا يتوقف على الدليل.
وهذا هو الظاهر من اطلاقهم، سيما عبارة الشيخ أبي الصلاح وحكمه بوجوب الإراقة، فإنه لا ينطبق الأعلى ما ذكرناه، ومجرد عوده في الملك بعد انقلابه خلا لا يستلزم عوده رهنا للفرق بين الأمرين، فإن الرهن متوقف على الصيغة والعقد الشرعي وقد بطل، فعوده يحتاج إلى عقد آخر بخلاف الملك، ولأنه قد قام الدليل على ذلك في الملك فيجب القول به، ولم يقم دليل عليه في الرهن إلا مجرد هذا التخريج المذكور الذي لا يصلح لتأسيس حكم شرعي عليه.
وما ذكرناه هو الظاهر من اطلاقهم، سيما عبارة الشرايع، وحكمه فيها بالملك بعد العود دون الرهانة، واستدراكه عليها ليس في محله، لعدم الدليل كما عرفت، والتنظر بما ذكره لا يفيد فايدة، فإن الأحكام الشرعية لا تبنى على النظاير والمشابهات كما يقوله أهل القياس، وإنما يعمل فيها على النصوص الواضحة.
وبالجملة فإن كلامه (قدس سره) غير خال عندي من النظر، وإن اقتفاه فيه المحقق الأردبيلي أيضا حيث قال: وسبب عودها بعد صيرورته خلا عود الملكية فيما كان رهنا، وزوال المانع عن الرهانة، فيعود ما كان ثابتا تابعا للملكية، وما كان سبب الزوال إلا زوال الملكية. فتأمل فيه انتهى.
وفيه أن، زوال المانع غير كاف في الصحة، بل لا بد من وجود المقتضي أولا، والمقتضي قد حكم ببطلانه، والكلام في محل البحث في عوده، ومجرد عود الملكية لا يستلزمه كما عرفت.
ونحن ولو خلينا وظاهر الحكم بالبطلان ثم لا يحكم بعود الملكية ولا الرهن، لكن لما قام الدليل من خارج ودلت الأخبار على عود الخمر بصيرورته خلا إلى ملك صاحبه حكمنا بذلك، وأما عوده رهنا فيحتاج أيضا إلى الدليل كما احتاج إليه عوده في الملك، ولعل في قوله فتأمل فيه إشارة إلى ما ذكرناه والله العالم.