آل عمران بثلاثة آلاف، وبخمسة آلاف، فإنه للبشارة، وقد ذكرنا هناك ما قيل فيه.
وروي عن ابن مسعود انه سأله أبو جهل: من أين كان يأتينا الضرب، ولا نرى الشخص؟ قال: من قبل الملائكة. فقال: هم غلبونا لا أنتم. وعن ابن عباس: إن الملائكة قاتلت يوم بدر وقتلت. (وما النصر إلا من عند الله) معناه: إنه لم يكن النصر من قبل الملائكة، وإنما كان من قبل الله، لأنهم عباده، ينصر بهم من يشاء، كما نصر بغيرهم، ويحتمل أن يكون المعنى: ما النصر بكثرة العدد، ولكن النصر من عند الله، ينصر من يشاء، قل العدد أم كثر (إن الله عزيز) لا يمنع عن مراده (حكيم) في أفعاله يجريها على ما تقتضيه الحكمة (إذ يغشيكم النعاس) قد ذكرنا تفسيره عند قوله (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا) والنعاس: أول النوم قبل أن يثقل (أمنة) أي: أمانا (منه) أي: من العدو. وقيل: من الله، فإن الانسان لا يأخذه النوم في حال الخوف، فآمنهم الله تعالى بزوال الرعب عن قلوبهم، كما يقال الخوف مسهر والأمن منيم. والأمنة: الدعة التي تنافي المخافة، وأيضا فإنه قواهم بالاستراحة على القتال من العدو.
(وينزل عليكم من السماء ماء) أي مطرا (ليطهركم به) وذلك لأن المسلمين قد سبقهم الكفار إلى الماء، فنزلوا على كثيب رمل، وأصبحوا محدثين ومجنبين، وأصابهم الظمأ، ووسوس إليهم الشيطان، فقال: إن عدوكم قد سبقكم إلى الماء، وأنتم تصلون مع الجنابة والحدث، وتسوخ أقدامكم في الرمل، فمطرهم الله حتى اغتسلوا به من الجنابة، وتطهروا به من الحدث، وتلبدت به أرضهم، وأوحلت أرض عدوهم. (ويذهب عنكم رجز الشيطان) أي: وسوسته بما مضى ذكره، عن ابن عباس. وقيل معناه: ويذهب عنكم وسوسته بقوله (ليس لكم بهؤلاء طاقة) عن ابن زيد. وقيل معناه: ويذهب عنكم الجنابة التي أصابتكم بالاحتلام (وليربط على قلوبكم) أي: وليشد على قلوبكم، ومعناه: يشجع قلوبكم، ويزيدكم قوة قلب، وسكون نفس، وثقة بالنصر (ويثبت به الأقدام) أي: أقدامكم في الحرب بتلبد الرمل، عن ابن عباس، ومجاهد، وجماعة. وقيل: بالصبر وقوة القلب، عن أبي عبيدة. والهاء في (به) ترجع إلى الماء المنزل. وقيل: إلى ما تقدم من الربط على القلوب.
(إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم) يعني الملائكة الذين أمد بهم