المسلمين أي: اني معكم بالمعونة والنصرة، كما يقال فلان مع فلان على فلان.
والإيحاء: إلقاء المعنى على النفس من وجه يخفى، وقد يكون بنصب دليل يخفى إلا على من ألقى إليه من الملائكة (فثبتوا الذين آمنوا) يعني: بشروهم بالنصر، وكان الملك يسير أمام الصف في صورة الرجل، ويقول أبشروا فإن الله ناصركم، عن مقاتل. وقيل معناه: قاتلوا معهم المشركين، عن الحسن. وقيل: ثبتوهم بأشياء تلقونها في قلوبهم، يقوون بها عن الزجاج (سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب) أي: الخوف من أوليائي.
(فاضربوا فوق الأعناق) يعني الرؤوس لأنها فوق الأعناق. قال عطا: يريد كل هامة وجمجمة، وجائز أن يكون هذا أمرا للمؤمنين، وجائز أن يكون أمرا للملائكة، وهو الظاهر. قال ابن الأنباري: إن الملائكة حين أمرت بالقتال، لم تعلم أين تقصد بالضرب من الناس، فعلمهم الله تعالى (واضربوا منهم كل بنان) يعني الأطراف من اليدين والرجلين، عن ابن عباس، وابن جريج، والسدي، وقيل: يعني أطراف الأصابع اكتفى الله به عن جملة اليد والرجل، عن ابن الأنباري (لذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله) معناه ذلك العذاب لهم، والأمر بضرب الأعناق والأطراف، وتمكين المسلمين منهم، بسبب أنهم خالفوا الله ورسوله. قال ابن عباس: معناه حاربوا الله ورسوله.
ثم أوعد المخالف فقال (ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب) في الدنيا بالإهلاك، وفي الآخرة بالتخليد في النار (ذلكم فذوقوه) أي: هذا الذي أعددت لكم من الأمر والقتل في الدنيا، فذوقوه عاجلا (وأن للكافرين) آجلا في المعاد (عذاب النار) قال الحسن: ذلكم حكم الله فذوقوه في الدنيا وإن لكم ولسائر الكافرين في الآخرة عذاب النار، ومعناه: كونوا للعذاب كالذائق للطعام، وهو طالب إدراك الطعم بتناول اليسير بالفم، لأن معظم العذاب بعده.
تمام القصة: ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر عبأ أصحابه، فكان في عسكره فرسان: فرس للزبير بن العوام، وفرس للمقداد بن الأسود، وكان في عسكره سبعون جملا كانوا يتعاقبون عليها، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي بن أبي طالب عليه السلام، ومرثد بن أبي مرثد الغنوي، يتعاقبون على جمل لمرثد بن أبي مرثد،