المستلذات الحسنة، ويحرم عليهم القبائح، وما تعافه الأنفس. وقيل: يحل لهم ما اكتسبوه من وجه طيب، ويحرم عليهم ما اكتسبوه من وجه خبيث. وقيل: يحل لهم ما حرمه عليهم رهابينهم وأحبارهم، وما كان يحرمه أهل الجاهلية من البحائر، والسوائب، وغيرها، ويحرم عليهم الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما ذكر معها.
(ويضع عنهم إصرهم) أي: ثقلهم. شبه ما كان على بني إسرائيل من التكليف الشديد بالثقل، وذلك أن الله سبحانه جعل توبتهم أن يقتل بعضهم بعضا، وجعل توبة هذه الأمة الندم بالقلب، حرمة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، عن الحسن. وقيل:
الإصر: هو العهد الذي كان سبحانه أخذه على بني إسرائيل أن يعملوا بما في التوراة، عن ابن عباس، والضحاك، والسدي، ويجمع المعنيين قول الزجاج:
الإصر: ما عقدته من عقد ثقيل. (والأغلال التي كانت عليهم) معناه: ويضع عنهم العهود التي كانت في ذمتهم، وجعل تلك العهود بمنزلة الأغلال التي تكون في الأعناق، للزومها، كما يقال هذا طوق في عنقك. وقيل: يريد بالأغلال ما امتحنوا به من قتل نفوسهم في التوبة، وقرض ما يصيبه البول من أجسادهم، وما أشبه ذلك، من تحريم السبت، وتحريم العروق، والشحوم، وقطع الأعضاء الخاطئة، ووجوب القصاص دون الدية، عن أكثر المفسرين.
(فالذين آمنوا به) أي: بهذا النبي، وصدقوه في نبوته (وعزروه) أي:
عظموه، ووقروه، ومنعوا عنه أعداءه (ونصروه) عليهم (واتبعوا النور) معناه القرآن الذي هو نور في القلوب، كما أن الضياء نور في العيون، ويهتدي به الخلق في أمور الدين، كما يهتدون بالنور في أمور الدنيا (الذي أنزل معه) أي: أنزل عليه، وقد يقوم مع مقام على كما يقوم على مقام مع. وقيل: معناه أنزل في زمانه، وعلى عهده.
ويروى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه: أي الخلق أعجب إيمانا؟ قالوا:
الملائكة. فقال: الملائكة عند ربهم فما لهم لا يؤمنون؟ قالوا: فالنبيون. قال:
النبيون يوحى إليهم فما لهم لا يؤمنون؟ قالوا: فنحن يا نبي الله. قال: أنا فيكم، فما لكم لا تؤمنون؟ إنما هم قوم يكونون بعدكم، يجدون كتابا في ورق، فيؤمنون به، فهو معنى قوله (واتبعوا النور الذي أنزل معه). (أولئك هم المفلحون) أي: