الفاسقين 145.
القراءة: قرأ أهل الحجاز، وروح: (برسالتي) على التوحيد، والباقون:
(برسالاتي) على الجمع، وقد مضى الكلام فيه.
اللغة: اللوح: صحيفة مهيأة للكتابة فيها، وأصله من اللوح: وهو اللمع، يقال، لاح، يلوح إذا لمع وتلألأ. والتلويح: التضمير. ولوحه السفر: غيره تغييرا، تبين عليه أثره، لأن حاله يلوح بما نزل به. واللوح: الهواء، لأنه كاللامع في هبوبه، فاللوح: تلوح المعاني بالكتابة فيه، والموعظة: التحذير بما يزجر عن القبيح، ويبصر مواقع المخوف.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن عظيم نعمته على موسى بالاصطفاء، وإجلال القدر، وأمره إياه بالشكر بقوله (قال) أي: قال الله سبحانه (يا موسى إني اصطفيتك) أي: اخترتك واتخذتك صفوة، وفضلتك على الناس (برسالاتي) من غير كلام (وبكلامي) من غير رسالة، وخص الناس لأنه كلم الملائكة، ولم يكلم أحدا من الناس بلا واسطة، سوى موسى عليه السلام. وقيل: إنه سبحانه كلم موسى على الطور، وكلم نبينا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم عند سدرة المنتهى.
(فخذ ما آتيتك) أي: تناول ما أعطيتك من التوراة، وتمسك بما أمرتك (وكن من الشاكرين) أي: من المعترفين بنعمتي، القائمين بشكرها على حسب مرتبتها، فكلما كانت النعمة أعظم وأجل، وجب أن تقابل من الشكر بما يكون أتم وأكمل. والوجه في تشريف موسى عليه السلام بالإختصاص بالكلام أن ذلك نعمة عظيمة ومنة جسيمة، منه تعالى عليه، لأنه كلمه، وعلمه الحكمة، من غير واسطة بينه وبينه، ومن أخذ العلم من العالم المعظم، كان أجل رتبة ممن أخذه ممن هو دونه.
(وكتبنا له) يعني لموسى عليه السلام، (في الألواح) يريد: ألواح التوراة، عن ابن عباس. وقيل: كانت من خشب نزلت من السماء، عن الحسن. وقيل: كانت من زمرد، وطولها عشرة أذرع، عن ابن جريج. وقيل: كانت من زبرجدة خضراء وياقوتة حمراء (1)، عن الكلبي. وقيل: إنهما كانا لوحين. قال الزجاج: ويجوز في