أنبيائه (لا يؤمنوا بها) هذا إخبار من الله تعالى، عن هؤلاء بعلمه فيهم، أنهم لا يؤمنون به، وبكتبه ورسله، وبيان أنه إنما صرفهم عن آياته لذلك (وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا) يعني: إن يروا طريق الهدى والحق، لا يتخذوه طريقا لأنفسهم.
(وان يروا سبيل الغي) أي: طريق الضلال (يتخذوه سبيلا) أي: طريقا لأنفسهم، ويميلون إليه. وقيل: الرشد، الإيمان، والغي الكفر. وقيل: الرشد كل أمر محمود، والغي كل أمر قبيح مذموم. (ذلك): إشارة إلى صرفهم عن الآيات.
وقيل: إشارة إلى اتخاذهم طريق الغي، وترك طريق الرشد، وتقديره أمرهم ذلك (بأنهم كذبوا بآياتنا) أي: بحججنا، ومعجزات رسلنا.
(وكانوا عنها غافلين) أي: لا يتفكرون فيها، ولا يتعظون بها، والمراد بالغفلة هنا: التشبيه، لا الحقيقة، مثل قوله سبحانه (صم بكم عمي) وذلك أنهم لما أعرضوا عن الانتفاع بالآيات، والتأمل فيها، أشبهت حالهم حال من كان غافلا ساهيا عنها. ثم بين سبحانه وعيد المكذبين فقال: (والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة) يعني القيامة، والبعث والنشور (حبطت أعمالهم) التي عملوها، ولا يستحقون بها مدحا، ولا ثوابا، لأنها وقعت على خلاف الوجه المأمور به، فصارت بمنزلة ما لم يعمل.
(هل يجزون إلا ما كانوا يعملون) صورته صورة الاستفهام، والمراد به الانكار والتوبيخ، ومعناه: ليس يجزون إلا ما عملوه إن خيرا فخيرا، وإن شرا فشرا.
النظم: قيل في وجه اتصال الآية بما قبلها وجوه أحدها: إنه تقدم ذكر المعجزات، وما رام فرعون من إبطالها، فبين سبحانه بقوله (سأصرف عن آياتي) أنه يمنع عن إبطال المعجزات، فيتصل بما تقدم من قصة موسى وفرعون وثانيها: إنه لما تقدم ذكر معجزات موسى، نبه عقيبه على أنه سبحانه لا يظهر المعجزات على يد من ليس بنبي، وأبان عن صدق موسى ومحمد عليهما السلام: لمكان المعجزة وثالثها: إنه خطاب لموسى، وزيادة في البيان عن إتمام ما وعده في إهلاك أعدائه، وصرفهم عن الاعتراض على آياته، ومعناه: خذها آمنا من طعن الطاعنين، فإني سأصرف ورابعها: إن الآيتين اعتراض بين قصة موسى، والخطاب لنبينا محمد عليه السلام، والمراد