موافقة الأول فيما دعا إليه (إنكم إذا لخاسرون) والخسران: ذهاب رأس المال، فكأنهم قالوا: إن اتبعتموه كنتم بمنزلة من ذهب رأس ماله: وقيل: خاسرون:
مغبونون، عن ابن عباس. وقيل: هالكون.
(فأخذتهم الرجفة) أي: فأخذ قوم شعيب الزلزلة، عن الكلبي. وقيل:
أرسل الله عليهم رمدة، وحرا شديدا، فأخذ بأنفاسهم، فدخلوا أجواف البيوت، فدخل عليهم البيوت، فلم ينفعهم ظل ولا ماء، وأنضجهم الحر، فبعث الله تعالى سحابة فيها ريح طيبة، فوجدوا برد الريح وطيبها. وظل السحابة، فتنادوا: عليكم بها، فخرجوا إلى البرية، فلما اجتمعوا تحت السحابة، ألهبها الله عليهم نارا، ورجفت بهم الأرض، فاحترقوا كما يحترق الجراد المقلي، وصاروا رمادا، وهو عذاب يوم الظلة، عن ابن عباس، وغيره من المفسرين.
وقيل: بعث الله عليهم صيحة واحدة، فماتوا، عن أبي عبد الله عليه السلام.
وقيل: إنه كان لشعيب قومان قوم أهلكوا بالرجفة، وقوم هم أصحاب الظلة (فأصبحوا في دارهم) أي: منازلهم (جاثمين) أي: ميتين ملقين على وجوههم (الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها) أي: كأنهم لم يقيموا بها قط، لأن المهلك يصير كأن لم يكن. وقيل: (كأن لم يغنوا فيها): كأن لم يعيشوا فيها مستغنين، عن قتادة. وقيل: كأن لم يعمروا فيها، عن ابن عباس.
(الذين كذبوا شعيبا،: عاد اللفظ تأكيدا وتغليظا (كانوا هم الخاسرين) مر معناه: بين سبحانه انهم الخاسرون دون من آمن به (فتولى عنهم) شعيب أي:
أعرض عنهم لما رأى إقبال العذاب عليهم إعراض الآيس منهم (وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي) فيما أمرني، فلم تؤمنوا (ونصحت لكم) فلم تقبلوا.
ومعناه: إن ما نزل بكم من البلاء، وإن كان عظيما، فقد استوجبتم ذلك بجنايتكم على أنفسكم.
(فكيف آسى) أي: فكيف أحزن (على قوم كافرين) حل العذاب بهم مع استحقاقهم له. وقوله: (فكيف آسى) وإن كان على لفظ الاستفهام، فالمراد به النفي، لأن جوابه في هذا الموضوع لا يصح إلا بالنفي، وإنما يدخله معنى الانكار أيضا، لهذه العلة. وهذا كما قال العجاج: (أطربا وأنت قنسري). وهذا تسل من