القراءة: (أو أمن): بفتح الواو عراقي (1)، وابن فليح. والباقون: (أو أمن) بسكون الواو إلا أن ورشاء قرأه على أصله في إلقاء حركة الهمزة على الساكن قبلها فقال: (أو من).
الحجة: قال أبو علي: أو حرف استعمل على ضربين أحدهما: أن يكون بمعنى أحد الشيئين، أو الأشياء في الخبر والاستفهام والآخر: أن يكون للإضراب عما قبلها في الخبر والاستفهام، كما أن أم المنقطعة في الاستفهام والخبر، كذلك فأما التي تكون لأحد الشيئين، أو الأشياء، فمثاله في الخبر، زيد أو عمرو ضربته، وجاء زيد أو عمرو. كما تقول: أحدهما جاء، وأحدهما ضربته، وهي إذا كانت للإباحة كذلك أيضا، وهو قوله: جالس الحسن، أو ابن سيرين.
وأما أو التي تجئ للإضراب بعد الخبر، والاستفهام، فكقولك: أنا أخرج، ثم تقول أو أقيم. أضربت عن الخروج وأثبت الإقامة، كأنك قلت: لا بل أقيم.
كما أنك في قولك: إنها لإبل أم شاء مضرب عن الأول، ولا يقع بعد أو هذه إلا جملة.
ومن ثم قال سيبويه في قوله: (ولا تطع منهم آثما أو كفورا) إنك لو قلت: أو لا تطع كفورا، انقلب المعنى، وإنما كان ينقلب المعنى، لأنه إذا قال لا تطع منهم آثما أو كفورا، فكأنه قال: لا تطع هذا الضرب، ولا تطع هؤلاء، فإنما لزمه أن لا يطيع واحدا منهما، لأن كل واحد منهما في معنى الآخر في وجوب ترك الطاعة له، كما جاز له أن يجمع بين مجالسة الحسن وابن سيرين، لأن كل واحد منهما أهل للمجالسة، ومجالسة كل واحد منهما كمجالسة الآخر.
ولو قال: ولا تطع منهم آثما، أو لا تطع كفورا، كان بقوله (أو لا تطع) قد أضرب عن ترك طاعة الأول، وكان يجوز أن يطيعه، وفي جواز ذلك انقلاب المعنى. ووجه قراءة من قرأ (أو أمن) أنه جعل (أو) للإضراب، لا على أنه أبطل الأول، ولكن كقوله: (آلم تنزيل الكتاب) ثم قال: (أم يقولون افتراه)، فجاء هذا ليبصروا ضلالتهم، فكان المعنى: أو أمنوا هذه الضروب من معاقبتهم، والأخذ لهم، وإن شئت جعلته أو التي في قولك ضربت زيدا أو عمرا، كأنك أردت أفأمنوا