أنفسهم بجحدها، عن الحسن، والجبائي. وقيل: فظلموا بوضعها غير مواضعها، فجعلوا بدل الإيمان بها الكفر والجحود، لأن الظلم: وضع الشئ في غير موضعه الذي هو حقه، ولم يقل فذهب موسى عليه السلام، فأدى إليهم الرسالة، فكذبوه لأن في قوله (فظلموا بها) دلالة عليه (فانظر كيف كان عاقبة المفسدين) يعني: ما آل إليه أمرهم في الهلاك (وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين) هذه حكاية موسى لفرعون، وندائه له: إني رسول إليك من قبل رب العالمين، مبعوث إليك وإلى قومك. قال وهب: وكان اسم فرعون الوليد بن مصعب، وهو فرعون يوسف، وكان بين اليوم الذي دخل يوسف مصر، واليوم الذي دخلها موسى رسولا، أربعمائة عام.
(حقيق على أن لا أقول على الله الا الحق) قال الزجاج: معناه حقيق على ترك القول على الله إلا الحق. وقال الإمام العلامة الزمخشري: تقول: أنا حقيق على قول الحق أي: واجب على قول الحق أن أكون أنا قائله، والقائم به، ولا يرضى الا مثلي ناطقا به، ومنه قول العرب: فلان يدعيه العلم بالطرق فوق ما يدعي هو العلم بها.
وقال الفراء: معناه حقيق بأن لا أقول على الله إلا الحق، فيكون على بمعنى الباء، كما تقول رميت السهم على القوس، وبالقوس، وجاءني فلان على حالة حسنة، وبحالة حسنة وقيل: معناه حريص على أن لا أقول على الله إلا الحق، وما فرضه علي من الرسالة، عن أبي عبيدة.
(قد جئتكم ببينة) أي: بحجة ومعجزة (من ربكم) أي أعطانيها ربكم (فأرسل معي بني إسرائيل) أي: فأطلق بني إسرائيل من عقال التسخير، وخلهم يرجعوا إلى الأرض المقدسة، وذلك أن فرعون والقبط، كانوا قد استعبدوا بني إسرائيل، واعتقلوهم للاستخدام في الأعمال الشاقة، مثل بناء المنازل، وحمل الماء، ونقل التراب، وما أشبه ذلك (قال) فرعون (إن كنت جئت بآية) أي:
حجة ودلالة تشهد لك على ما تقوله (فأت بها إن كنت من الصادقين) في أنك رسول الله.
(فألقى عصاه) الفاء فاء الجواب، أي: فكان جوابه لفرعون أن ألقى عصاه