البرمكي، فيما رواه علي بن سليمان الأخفش، قال: حدثني أحمد بن يحيى ثعلب، ومحمد بن زيد المبرد، قالا: لما ورد سيبويه بغداد، شق أمره على الكسائي، فأتى جعفر بن يحيى، والفضل بن يحيى، فقال: أنا وليكما وصاحبكما، وهذا الرجل قد قدم ليذهب بمحلي. فقالا له: فاحتل لنفسك، فإنا سنجمع بينكما. فجمعا بينهما عند أبيهما، وحضر سيبويه وحده، وحضر الكسائي ومعه الفراء، وعلي الأحمر، وغيرهما من أصحابه، فسألوه: كيف تقول (كنت أظن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي، أو فإذا هو إياها) قال أقول: فإذا هو هي).
فأقبل عليه الجمع، فقالوا له: أخطأت ولحنت! فقال يحيى: هذا موضع مشكل! أنتما إماما مصريكما فمن يحكم بينكما؟ قال: فقال الكسائي وأصحابه:
الأعراب الذين على الباب. فأدخل أبو الجراح ومن وجد معه ممن كان الكسائي وأصحابه يحملون عنهم، فقالوا: إنا نقول فإذا هو إياها وانصرف المجلس على أن سيبويه أخطأ، وحكموا عليه بذلك، فأعطاه البرامكة، وأخذوا له من الرشيد، وبعثوا به إلى بلده، فما لبث بعد هذا الأمر الا يسيرا حتى مات، ويقال إنه مات كمدا (1).
قال علي بن سليمان: (وأصحاب سيبويه إلى هذه الغاية لا اختلاف بينهم، يقولون: إن الجواب على ما قال سيبويه فإذا هو هي).
وهذا موضع الرفع، وهو كما قال علي بن سليمان، وذلك أن النصب إنما يكون على الحال، نحو خرجت فإذا الناس وقوفا، جاز النصب هنا، لأن وقوفا نكرة، والحال لا يكون إلا نكرة، فإذا أضمرت بطل أمر الحال، فإن المضمر معرفة، والمعرفة لا تكون حالا، فوجب العدول عن النصب إلى الرفع، كما تقول:
فإذا الناس وقوف.
المعنى: ثم عطف سبحانه بقصة موسى عليه السلام على ما تقدم من قصص الأنبياء عليهم السلام، فقال: (ثم بعثنا من بعدهم) أي: من بعد الرسل الذين ذكرناهم، أو من بعد الأمم الذين ذكرنا إهلاكهم (موسى بآياتنا) أي: بدلائلنا وحججنا (إلى فرعون وملائه) أي: أشراف قومه، وذوي الأمر منهم (فظلموا بها) أي: ظلموا