فسأل الله سبحانه ذلك صالح، فانصدعت الصخرة صدعا، كادت عقولهم تطير منه، ثم اضطربت كالمرأة يأخذها الطلق، ثم انصدعت عن ناقة عشراء، جوفاء، وبراء، كما وصفوا، لا يعلم ما بين جنبيها الا الله عظما، وهم ينظرون، ثم نتجت سقبا مثلي في العظم، فآمن به رهط من قومه، ولم يؤمن أكابرهم.
فقال لهم صالح: هذه ناقة لها شرب، ولكم شرب يوم معلوم، وقد بينا ذلك قبل، فإذا كان يومها وضعت رأسها في مائهم، فما ترفعه حتى تشرب كل ما فيه، ثم ترفع رأسها فتفجج لهم (1)، فيحتلبون ما شاؤوا من لبن، فيشربون ويدخرون، حتى يملؤوا أوانيهم كلها.
قال الحسن بن محبوب: حدثني رجل من أصحابنا يقال له سعيد بن يزيد، قال: أتيت أرض ثمود، فذرعت مصدر الناقة بين الجبلين، ورأيت اثر جنبيها، فوجدته ثمانين ذراعا، وكانت تصدر من غير الفج الذي منه وردت، لا تقدر على أن تصدر من حيث ترد، لأنه يضيق عنها، فكانوا في سعة ودعة منها، وكانوا يشربون الماء يوم الناقة من الجبال والمغارات، فشق ذلك عليهم، وكانت مواشيهم تنفر عنها لعظمها، فهموا بقتلها.
قالوا: وكانت امرأة جميلة يقال لها صدوف، ذات مال من إبل وبقر وغنم، وكانت أشد الناس عداوة لصالح، فدعت رجلا من ثمود يقال له مصدع بن مهرج، وجعلت له نفسها على أن يعقر الناقة، وامرأة أخرى يقال لها عنيزة، دعت قدار بن سالف، وكان أحمر أزرق قصيرا، وكان ولد زنا، ولم يكن لسالف الذي يدعى إليه، ولكنه ولد على فراشه، وقالت له: أعطيك أي بناتي شئت على أن تعقر الناقة. وكان قدار عزيزا منيعا في قومه.
فانطلق قدار بن سالف، ومصدع، فاستغويا غواة ثمود، فاتبعهما سبعة نفر، وأجمعوا على عقر الناقة.
قال السدي وغيره: أوحى الله إلى صالح: إن قومك سيعقرون ناقتك. فقال ذلك لقومه، فقالوا: ما كنا لنفعل. قال صالح: إنه يولد في شهركم هذا غلام