سبحانه علم خلقه التثبت والرفق في الأمور، عن سعيد بن جبير.
(ثم استوى على العرش) أي: استوى أمره على الملك، عن الحسن.
يعني استقر ملكه، واستقام بعد خلق السماوات والأرض، فظهر ذلك للملائكة، وإنما أخرج هذا على المتعارف من كلام العرب، كقولهم استوى الملك على عرشه، إذا انتظمت أمور مملكته، وإذا اختل أمر ملكه، قالوا: ثل عرشه، ولعل ذلك الملك لا يكون له سرير، ولا يجلس على سرير أبدا. قال الشاعر:
إذا ما بنو مروان ثلت عروشهم، وأودت كما أودت إياد وحمير (1) وقال:
إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم * بعتيبة بن الحارث بن شهاب وقيل: معناه ثم استوى عليه بأن رفعه عن الجبائي. وقيل: معناه ثم قصد إلى خلق العرش عن الفراء وجماعة، واختاره القاضي، قال: دل بقوله ثم إن خلق العرش كان بعد خلق السماء والأرض. وروي عن مالك بن أنس أنه قال: الاستواء غير مجهول، وكيفيته غير معلومة، والسؤال عنه بدعة. وروي عن أبي حنيفة أنه قال: (أمروه كما جاء) أي: لا تفسروه (يغشي) أي: يلبس (الليل النهار) يعني يأتي بأحدهما بعد الآخر، فيجعل ظلمة الليل بمنزلة الغشاوة للنهار، ولم يقل ويغشى النهار الليل، لأن الكلام يدل عليه، وقد ذكر في موضع آخر: (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل).
(يطلبه حثيثا) أي: يتلوه فيدركه سريعا، وهذا توسع يريد أنه يأتي أثره كما يأتي الشئ في أثر الشئ، طالبا له (والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره) أي: مذللات جاريات في مجاريهن بتدبيره وصنعه. خلقهن لمنافع العباد. ومن قرأ (مسخرات) بالنصب: فإنه منصوب على الحال (ألا له الخلق والأمر) إنما فصل بين الخلق والأمر، لأن فائدتهما مختلفة، لأنه يريد بالخلق أن له الاختراع. وبالأمر أن له أن يأمر في خلقه بما أحب، ويفعل بهم ما شاء.
(تبارك الله) أي: تعالى بالوحدانية فيما لم يزل، ولا يزال، فهو بمعنى تعالى