وزن المفعول. والمتاع: الانتفاع بما فيه عاجل استلذاذ، والحين: الوقت، قصيرا كان أو طويلا، إلا أنه استعمل هنا على طول الوقت، وليس بأصل فيه.
المعنى: (فدلاهما بغرور) أي: أوقعهما في المكروه، بان غرهما بيمينه، وقيل: معناه دلاهما من الجنة إلى الأرض، وقيل: معناه خذلهما وخلاهما من قولهم: تدلى من الجبل أو السطح، إذا نزل إلى جهة السفل، عن أبي عبيدة أي:
حطهما عن درجتهما بغروره (فلما ذاقا الشجرة) أي: ابتدءا بالأكل، ونالا منها شيئا يسيرا، ولذلك أتى بلفظة (ذاقا) عبارة عن أنهما تناولا شيئا قليلا من ثمرة الشجرة، على خوف شديد، لأن الذوق ابتداء الأكل والشرب، ليعرف الطعم. وفي هذا دلالة على أن ذوق الشئ المحرم، يوجب الذم، فكيف استيفاؤه، وقضاء الوطر منه.
(بدت لهما سوآتهما) أي: ظهرت لهما عوراتهما، ظهر لكل واحد منهما عورة صاحبه. قال الكلبي: فلما أكلا منها تهافت (1) لباسهما عنهما، فأبصر كل واحد منهما سوأة صاحبه، فاستحيا. (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) أي:
أخذا يجعلان ورقة على ورقة، ليسترا سوآتهما، عن الزجاج. وقيل: معناه جعلا يرقعان ويصلان عليهما من ورق الجنة، وهو ورق التين، حتى صار كهيئة الثوب، عن قتادة. وهذا إنما كان لأن المصلحة اقتضت اخراجهما من الجنة، وإهباطهما إلى الأرض، لا على وجه العقوبة، فإن الأنبياء لا يستحقون العقوبة، وقد مضى الكلام فيه في سورة البقرة.
(وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة) أي: من تلك الشجرة، لكنه لما خاطب اثنين قال (تلكما)، والكاف حرف الخطاب (وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين) ظاهر المعنى (قالا) أي: قال آدم وحواء، لما عاتبهما الله سبحانه، ووبخهما على ارتكاب المنهي عنه: (ربنا ظلمنا أنفسنا) ومعناه: بخسناها الثواب بترك المندوب إليه، فالظلم هو النقص، ومن ذهب إلى أنهم فعلا صغيرة، فإنه يحمل الظلم على تنقيص الثواب، إذا كانت الصغيرة عنده تنقص من ثواب الطاعات.
فأما من قال إن الصغيرة تقع مكفرة من غير أن تنقص من ثواب فاعلها شيئا، فلا