وأوكد. ويدل على ذلك قراءة من قرأ (خالص).
وأما من نصب (خالصة) وخالصا ففيه وجهان أحدهما: أن يكون حالا من المضمر في الظرف الذي جرى صلة على (ما) فيكون كقولهم: الذي في الدار قائما زيد، فيكون قوله (لذكورنا) خبر المبتدأ الموصول والآخر: أن يكون حالا من (ما) على مذهب أبي الحسن في إجازته تقديم الحال على العامل فيها، إذا كان معنى بعد أن يتقدم صاحب الحال عليها، كقولنا: زيد قائما في الدار. واحتج بقوله سبحانه: (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة).
المعنى: ثم حكى الله سبحانه عنهم مقالة أخرى، فقال (وقالوا): يعني هؤلاء الكفار الذين تقدم ذكرهم (ما قي بطون هذه الأنعام) يعني: ألبان البحائر والسيب، عن ابن عباس، والشعبي، وقتادة. وقيل: أجنة البحائر والسيب، ما ولد منها حيا، فهو خالص للذكور دون النساء، وما ولد ميتا، أكله الرجال والنساء، عن مجاهد، والسدي. وقيل: المراد به كليهما. (خالصة لذكورنا) لا يشركهم فيها أحد من الإناث، من قولهم: فلان يخلص العمل لله، ومنه إخلاص التوحيد.
وسمي الذكور: من الذكر الذي هو الشرف. والذكر: أشبه وأذكر من الأنثى (ومحرم على أزواجنا) أي: نسائنا (وإن يكن ميتة) معناه: وإن يكن جنين الأنعام ميتة (فهم فيه شركاء) أي: الذكور والإناث فيه سواء.
ثم قال سبحانه (سيجزيهم وصفهم) أي: سيجزيهم العقاب بوصفهم، فلما أسقط الباء نصب (وصفهم). وقيل: تقديره سيجزيهم جزاء وصفهم، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه، عن الزجاج (إنه حكيم) فيما يفعل بهم من العقاب، آجلا، وفى إمهالهم عاجلا (عليم) بما يفعلونه، لا يخفى عليه شئ منها.
وقد عاب الله سبحانه الكفار في هذه الآية من وجوه أربعة أحدها: ذبحهم الأنعام بغير إذن الله. وثانيها: أكلهم على ادعاء التذكية افتراء على الله وثالثها:
تحليلهم للذكور، وتحريمهم على الإناث، تفرقة بين ما لا يفترق إلا بحكم من الله ورابعها: تسويتهم بينهم في الميتة، من غير رجوع إلى سمع موثوق به.