دينارك ثوبا أي: مكان دينارك، وبدله و (من) في قوله (من ذرية قوم آخرين) لابتداء الغاية، وما في قوله: (ان ما توعدون) بمعنى الذي. (ومن) في قوله (من تكون له عاقبة الدار) في موضع رفع بالابتداء، وخبره: تكون له عاقبة الدار، وتقديره أينا تكون له عاقبة الدار، ويكون تعليقا، ويحتمل أن يكون موضعه نصبا بتعلمون ويكون في معنى الذي.
المعنى: لما أمر سبحانه بطاعته، وحث عليها، ورغب فيها، بين أنه لم يأمر بها لحاجة، لأنه يتعالى عن النفع والضر، فقال: (وربك) أي: خالقك وسيدك (الغني) عن أعمال عباده لا تنفعه طاعتهم، ولا تضره معصيتهم، لأن الغني عن الشئ هو الذي يكون وجود الشئ وعدمه، وصحته وفساده، عنده بمنزلة. (ذو الرحمة) أي: صاحب النعمة على عباده بين سبحانه أنه مع غناه عن عباده، ينعم عليهم، وأن إنعامه وإن كثر، لا ينقص من ملكه، ولا من غناه.
ثم أخبر سبحانه عن قدرته فقال: (إن يشأ يذهبكم) أي: يهلككم، وتقديره يذهبكم بالإهلاك، (ويستخلف من بعدكم ما يشاء) أي: وينشئ بعد هلاككم خلقا غيركم، يكون خلفا لكم (كما أنشأكم) في الأول (من ذرية قوم آخرين) تقدموكم. وهذا خطاب لمن سبق ذكره من الجن والإنس. ويحتمل أن يكون معناه:
ويستخلف جنسا آخر، أي: كما قدر على اخراج الجن من الجن، والإنس من الإنس، فهو قادر على أن يخرج قوما آخر لا من الجن ولا من الإنس.
وفي هذه الآية دلالة على أن خلاف المعلوم يجوز أن يكون مقدورا، لأنه سبحانه بين أنه قادر على أن ينشئ خلقا، خلاف الجن والإنس، ولم يفعل ذلك.
(إن ما توعدون) من القيامة والحساب، والجنة والنار، والثواب والعقاب، وتفاوت أهل الجنة في الدرجات، وتفاوت أهل النار في الدركات، (لآت) لا محالة (وما أنتم بمعجزين) بفائتين. ويقال: بسابقين. ويقال: بخارجين من ملكه وقدرته.
والإعجاز: أن يأتي الانسان بشئ يعجز خصمه عنه، ويقصر دونه، فيكون قد جعله عاجزا عنه، فعلى هذا يكون المعنى لستم بمعجزين الله سبحانه عن الإتيان بالبعث والعقاب، (قل) يا محمد لهم (يا قوم اعملوا على مكانتكم) أي: على قدر منزلتكم، وتمكنكم من الدنيا، ومعناه: اثبتوا على ما أنتم عليه من الكفر، وهذا